و عند الشافعي يستحبّ تحيّة المسجد في أثناء الخطبة. [2]
لنا هذا خبر واحد و الأصل براءة الذمّة من وجوب و ندب إلّا أن يدلّ دليل و قد دلّ الدليل على ما ذهبنا إليه و هو الإجماع منّا و منه عليه.
«و أقلّ ما يكون الخطبة حمد اللّه تعالى و الثّناء عليه و الصلاة على محمّد و آله و الوعظ و قراءة شيء من القرآن فإن أخلّ بشيء من هذه لم يجزه، و ما زاد عليه مستحبّ و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: يجزي من الخطبة كلمة واحدة (الحمد للّه)، أو (سبحان اللّه) أو (لا إله إلّا اللّه)». [3]
لنا لا خلاف أنّ ما اشتمل عليه ما ذكرناه يسمّى خطبة و ما لا يشتمل عليه ففيه خلاف و الإجماع حقّ و خلافه باطل و قوله (عليه السلام) للأعرابي حين قال: من أطاع اللّه و رسوله فقد رشد و من عصاهما فقد غوي (بئس خطيب القوم أنت) [4] لا يدلّ على أنّ كلمة أو كلمتين خطبة لأنّه يحتمل أن يدعا خطيبا و إن لم يخطب كما يقال للخطباء خطيب في غير حال خطابتهم، و أنّما ردّ عليه كلامه لأنّه جمع بين اسم اللّه و بين اسمه في قوله: (و من عصاهما).
«و من كان بينه و بين الموضع الذي يصلّى فيه الجمعة أكثر من فرسخين لا يجب عليه حضور الجمعة و قال أبو حنيفة: لا يجب قال محمّد: قلت لأبي حنيفة تجب الجمعة على أهل زبارا بأهل الكوفة؟ قال: لا، و زبارا قرية بقرب الكوفة بينها و بين الكوفة الخندق.
و قال الشافعي: إذا كانوا بحيث يبلغهم النداء من طرف البلد إلى الذي يليهم، و المؤذّن صيّت و المستمع ليس بأصمّ يجب عليهم الحضور و إلّا لم يجب و لو حضروها جاز». [5]
و ينعقد بحضور من لم تجب عليه الجمعة إلّا النّساء و به قال أبو حنيفة.
و قال الشافعي: لا تنعقد إذا انفردوا أو تمّ بهم العدد.
لنا أنّ اعتبار العدد عام ليس فيه [33/ أ] تخصيص و ليس إذا لم تجب عليهم لا تنعقد بهم فإنّ المريض لا تجب عليه بلا خلاف و لو حضر انعقدت به. [6]
و إذا دخل المسجد و الإمام يخطب لا يصلّي نافلة و لا تحيّة المسجد بل يستمع للخطبة