و توضّأت، و جئت فوقفت على يساره، فأخذ بيدي فأدارني من ورائه إلى يمينه و معلوم من النبيّ أنّه ما كان نوي إمامته. [1]
فصل في صلاة الجمعة
الاجتماع في صلاة الجمعة واجب بلا خلاف، إلّا أنّ وجوبه يقف على شروط، و هي:
الذكورة، و الحريّة، و البلوغ، و كمال العقل، و زوال السفر و المرض و العمى و العرج و الكبر الذي يمنع من الحركة، و تخلية السّرب، و حضور الإمام العادل أو من نصبه، و حضور ستّة نفر معه، و التمكّن من الخطبتين، و أن يكون بين مكان الجمعة و بين المكلّف بها فرسخان فما دونهما، و يسقط فرض حضورها عمّن عدا من ذكرناه، و إن حضرها و كان مكلّفا بها لزمه الدّخول فيها جمعة و أجزأته عن الظهر. [2]
إذا كان العدد الّذين بهم ينعقد الجمعة في قرية و هم سبعة أحدهم الإمام- أو خمسة على اختلاف بيننا- وجب عليهم الجمعة، و انعقدت بهم خلافا للشافعيّ فإنّه قال: لا تنعقد بأقل من أربعين [32/ أ] ذكورا مكلّفين أحرارا مقيمين لا يظعنون شتاء و لا صيفا إلّا لحاجة و الإمام هو الحادي و الأربعون، و قال أبو حنيفة لا جمعة على أهل السواد[3]، و لا يصحّ إلّا في مصر جامع، له قوله (عليه السلام): (لا جمعة و لا تشريق و لا فطر و لا أضحى إلّا في مصر جامع) [4].
لنا قوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا نُودِيَ لِلصَّلٰاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلىٰ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ[5]، و الخطاب عامّ لجميع المؤمنين سواء كانوا في الأمصار أو في القرى و لا يخرج من هذا العموم إلّا ما أخرجه دليل قاطع، و لا يجوز تخصيص هذا العموم بالخبر المذكور و هو (لا جمعة و لا تشريق) لأنّه من أخبار الآحاد الّتي يوجب الظنّ لا العلم، فيجب عليهم السّعي إلى صلاة الجمعة بموجب الأمر الذي هو (فاسعوا)، و الخطاب إذا تناول الأربعين فما دونهم فتخصيصه بالأربعين يحتاج إلى دليل و لا دليل يدلّ عليه فيجب على العدد الذي ذكرنا بمجرد الخطاب.
«و عند أبي حنيفة تنعقد بثلاثة سوى الإمام و عند أبي يوسف اثنان سوى الإمام لأنّ