لنا بعد إجماع الإمامية قوله تعالى وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰامىٰ مِنْكُمْ[1] فقد أمر اللّه تعالى بالنكاح، و لم يشترط الشهادة، و لو كانت شرطا لذكرها، و ما رووه من قوله (عليه السلام) أوصيكم بالنساء خيرا فإنهنّ عوان عندكم، أخذ تموهنّ بأمانة اللّه و استحللتم فروجهن بكلمة اللّه، و لا كلام يباح به فرج المرأة إلّا الإيجاب و القبول، فيجب بظاهر الخبر حصول الاستباحة بذلك، من غير أمر سواه، و لا يجوز حمل الخبر على أن المراد بكلمة اللّه قوله تعالى وَ أَنْكِحُوا الْأَيٰامىٰ، و ما أشبه ذلك، لأن المستفاد به الإذن فيما يقع به تحليل الفرج، و هو ما قلناه من الإيجاب و القبول، و لذلك لا يستغنى بذلك عنهما.
و تعلّقهم بما رووه من قوله (عليه السلام): لا نكاح إلّا بوليّ و شاهدي عدل، قد بيّنا الجواب عنه، على أنّ أبا حنيفة لا يصحّ على مذهبه أن يزيد الشهادة بأخبار الآحاد، لأن عنده أنّ كلّ زيادة في القرآن توجب النسخ، و نسخ القرآن لا يجوز بأخبار الآحاد [2].
فصل و ليس من شرط عقد الدوام ذكر المهر بلا خلاف،
بل من مستحبّاته، و يدل عليه و قوله تعالى لٰا جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً[3] و الطلاق لا يقع إلّا في نكاح صحيح.
و المهر ما تراضي عليه الزوجان، دائما كان العقد أو مؤجلا، ممّا له قيمة، و يحلّ تملّكه، قليلا كان أو كثيرا [4]، و عند الحنفية أقلّ المهر عشرة دراهم و إن سميّ أقلّ من عشرة فلها عشرة [5]، و عند الشافعية في الخلاصة للصداق ثلاثة أحوال الحالة الأولى أن يكون الصداق المسمى صحيحا، و المسمّى الصحيح كل ما يجوز أن يكون ثمنا أو أجرة، فيجوز أن يكون أقلّ ما يتموّل، تركنا ذكر الحالتين له لعدم الاحتياج إليهما.
و يجوز أن يكون تعليم شيء من القرآن صداقا و لو كان آية، و يدل على ما قلناه قوله تعالى وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً[6] و في موضع آخر فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ*[7] و