قد بيّنا فيما مضى أنّ الموات من الأرض للإمام القائم مقام النبيّ (عليه السلام) خاصّة و أنّه من جملة الأنفال، يجوز له التصرف فيه بما شاء من أنواع التصرف، فلا يجوز لأحد أن يتصرف فيها إلّا باذنه [1]، و قال الشافعي: من أحياها ملكها، أذن الإمام أو لم يأذن، و قال أبو حنيفة:
لا يملك إلّا بإذن الإمام، و هو قول مالك.
لنا ما روي من قوله (عليه السلام): ليس لأحدكم إلّا ما طابت به نفس إمامه [2].
و الأرضون العامرة في بلاد الإسلام التي لا يعرف لها صاحب معيّن للإمام خاصّة، و قال أبو حنيفة: أنها تملك بالإحياء إذا أذن الامام في ذلك. و قال الشافعي: لا تملك.
و الأرضون العامرة في بلاد الشرك التي لم يجر عليها ملك أحد للإمام خاصّة. و قال الشافعي: كل من أحياه من مسلم أو مشرك، فإنّه يملك بذلك [3].
و إذا أذن الإمام لذمّي في إحياء أرض الموات في بلاد الإسلام فإنّه يملك بالإذن وفاقا لأبي حنيفة، و خلافا للشافعي، فإنّه قال للإمام إذنه و لا يملك بالاحياء.
لنا قوله (عليه السلام): من أحيا أرضا ميتة فهي له، و من أحاط حائطا على أرض فهي له، و هذا عام [4].
و من أحيا أرضا بإذن مالكها، أو سبق إلى التحجير عليها، كان أحقّ بالتصرف فيها من غيره، و ليس للمالك أخذها منه، إلّا أن لا يقوم بعمارتها، [أ] و لا يقبل عليها ما يقبل غيره،