فإن قال المخالف: اشتراط الفضل في الوضيعة بمنزلة أن يقول: ما ضاع من مالك فهو عليّ، و هذا فاسد، قيل له: ما أنكرت أن يكون بمنزلة من قال: ما ضاع فهو من مالي و مالك إلّا أنّي قدر رضيت أن يكون من مالي خاصّة، و تبرّعت لك بذلك، فهذا لا مانع منه، و يلزم أبا حنيفة على ذلك أن لا يجيز اشتراط التفاضل في الرّبح، لأنّه بمنزلة أن يقول: ما استفيد في مالي فهو لك [1].
لا فرق بين أن يتفق المالان في المقدار أو يختلفا، فيخرج أحدهما أكثر ممّا أخرجه الآخر، فإنّه لا دلالة على بطلان هذه الشركة، و الأصل جوازها. و به قال أكثر أصحاب الشافعي، و قال الأنماطي [2] من أصحابه: إذا اختلف مقدار المالين بطلت الشركة [3].
و لا يجوز أن يتفاضل الشريكان في الربح مع التساوي في المال، و لا أن يتساويا فيه مع التفاضل لأنّه لا دلالة على جوازه و به قال الشافعي [4].
و في الخلاصة الشرط المغيّر له أو للمذكور فاسد، و قال أبو حنيفة: يجوز ذلك [119/ ب].
و التصرّف في مال الشركة على حسب الشرط، إن شرطا أن يكون لهما معا على الاجتماع، و الانفراد، فهو كذلك، و إن شرطا التصرف لأحدهما لم يجز للآخر إلّا بإذنه.
و كذا القول في صفة التصرف في المال، من السفر به، و البيع بالنسيئة، و التجارة في شيء معيّن، و متى خالف أحدهما ما وقع عليه الشرط كان ضامنا.
و الشركة عقد جائز من كلا الطّرفين، يجوز فسخه لكلّ واحد منهما متى شاء، و لم يلزم اشتراط التأجيل فيها، و تنفسخ بالموت.
و الشريك المأذون له في التّصرّف مؤتمن على مال الشركة، و القول قوله، فان ارتاب به شريكه حلّف على قوله.
و إذا تقاسم الشريكان لم يتقسّم الدّين، بل يكون الحاصل منه بينهما و المنكسر عليهما، و لو اقتسماه فاستوف أحدهما و لم يستوفي الآخر، لكان له أن يقاسم شريكه على ما استوفاه [5]، و عليه إجماع الإمامية و للشافعي فيه قولان: الأظهر [عندهم] أنّه لا يشاركه فيه [6].
[2] أبو القاسم الأنماطي البغدادي الأحول، أحد أئمة الشافعية، أخذ الفقه عن المزني و الربيع، و أخذ عنه أبو العباس بن سريج و الإصطخري و ابن الوكيل مات سنة (288). طبقات الشافعيّة: 1/ 180 رقم 25.