و قد دخل أيضا فيما قلناه جواز بيع المدبّر بعد نقض تدبيره- إن كان تدبيره تطوعا [1] سواء كان التدّبير مطلقا، بأن يقول: إذا مت فأنت حرّة، أو مقيّدا، بأن يقول: ان متّ من مرضي هذا فأنت حرّة و في سفري هذا أو سنتي هذه، فان لم ينقض تدبيره لم يجز بيع رقبته و انّما يجوز بيع خدمته مدّة حياته.
و قال الشافعي: يجوز بيعه بكلّ حال و قال أبو حنيفة: إن كان التدبير مقيّدا تملك التصرف فيه و إن كان مطلقا لزم، و لم يجز له التصرف فيه بحال. [2]
لنا أنّه مملوك، و تدبيره يجري مجرى الوصيّة، و تغييرها جائز للموصي ما دام حيا، و إن كان تدبيره واجبا- بان يكون قضاء لنذر- لم يجز بيعه لأن ما هذه حاله لا يجوز نقضه و لا الرجوع فيه.
و يدخل فيه أيضا بيع المكاتب متى شرط عليه أنّه إن عجز عن الأداء أو عن بعضه عاد رقّا فعجز، فأمّا إذا كوتب من غير شرط فإنّه لا يجوز بيعه، [3] [90/ أ] و قال أبو حنيفة و الشافعي في الجديد: لا يجوز بيع رقبته بحال: و قال في القديم: يجوز.
و في النافع و لأبي حنيفة أن المولى ما رضي بزوال ملكه عن العبد إلّا بهذه النجوم المعينة و إذا عجز عاد إلى أحكام الرق و ما في يده من الاكتساب لمولاه لانّه كسب العبد و إذا عاد رقّا جاز بيعه إجماعا.
و قد دخل فيما أصلناه نفوذ بيع ما يصحّ بيعه إذا بيع معه في صفقة واحدة ما لا يجوز بيعه، [5] سواء كان أحدهما مالا و الآخر ليس بمال مثل أن باع خلًّا و خمرا، أو شاة و خنزيرا، أو كان أحدهما مالا و الآخر في حكم المال، مثل أن باع أمته و أم ولده، أو يكون أحدهما ماله و الآخر مال الغير، الباب واحد.
قال الشافعي: يبطل فيما لا ينفذ فيه البيع كما قلناه و هل يبطل في الآخر فعلى قولين:
أصحهما عندهم أنّ البيع يصحّ. [6] في الوجيز: للبطلان علّتان إحداهما أن الصيغة متحدة فإذا