فإذا وصل إلى المشعر- و حدّه ما بين المأزمين إلى الحياض و إلى وادي المحسّر- نزل به [1].
فصل في الوقوف بالمشعر
و الوقوف به ركن من أركان الحج، و وقته للمختار من طلوع الفجر إلى ابتداء طلوع الشمس، و يمتدّ للمضطر الليل كلّه، فمن فاته حتى طلعت الشمس فلا حج له [2]، خلافا للفقهاء، فإنّهم قالوا ليس بركن، إلّا أن الشافعي قال: إن ترك المبيت بها لزمه دم في أحد قوليه، و الثاني: لا شيء عليه، لنا إجماع الإمامية و طريقة الاحتياط لأنّه لا خلاف في صحّة حج من وقف به و ليس كذلك من لم يقف [3]، و قوله تعالى فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرٰامِ[4] و ظاهر الأمر يقتضي الوجوب فيجب الذكر فيه، و لا يصحّ الذكر فيه إلّا بعد الكون به، و ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب، و أيضا لا خلاف في أن النّبي (صلّى اللّه عليه و آله) وقف، و قد قال: (خذوا عني مناسككم) فيجب الوقوف به، و قد روي عنه (عليه السلام) قوله: من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حجّ له، و قوله [77/ ب]: و هو بالمزدلفة (من وقف معنا بهذا الموضع و صلى معنا هذه الصلاة و قد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تمّ حجّة)، لأنّه يدلّ على أن تمام الحج يتعلق بالوقوف بالموقفين، و أما ما رووا من قوله (عليه السلام): (الحج عرفة) فهو معارض بما ذكرناه من الروايات.
و الواجب في الوقوف النيّة و مقارنتها و استدامة حكمها، و أن لا يرتفع إلى الجبل إلّا لضرورة من ضيق أو غيره، و الدّعاء بأقلّ ما يسمّى به المرء داعيا و الاحتياط يقتضي ذلك و ظاهر قوله تعالى فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرٰامِ لأنّ قوله فَاذْكُرُوا اللّٰهَ أمر و ظاهر الأمر يقتضي الوجوب.
و المستحبّ أن يطأ المشعر، و أن يكبر اللّه و يسبّحه و يحمده و يهلله مائة مرّة، و يصلّي على محمد و آله ما تيسّر و يقول: اللّهمّ اهدني من الضلالة و أنقدني من الجهالة. إلى آخر الدّعاء.