فعندنا و عند الأكثر من المخالفين لنا أنّ في ذلك حقّة و بنتا لبون، و عند أبي حنيفة حقّتان و شاتان، و لم يقم دليل على أنّ فيما بين العشرين و الثلاثين حقّا، فوجب البقاء على حكم الأصل. و قد روي أنّه وجد في كتاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أنّ الإبل إذا زادت على مائة و عشرين فليس فيما زاد شيء دون ثلاثين و مائة فإذا بلغتها ففيها بنتا لبون و حقّة. [1]
إذا بلغت الإبل خمسا، ففيها شاة ثم ليس فيها شيء إلى تسع و فيها أيضا شاة، فما دون النّصاب و قص، و ما فوق الخمس إلى تسع و قص، و الشّاة واجبة في الخمس، فما زاد و قص، و يسمّى شنقا. و به قال أبو حنيفة.
و للشافعي قولان: أحدهما مثل ما قلناه، و الثاني أنّ الشاة واجبة في التّسع كلّها [2].
إذا بلغت الإبل مائتين، كان الساعي مخيّرا بين أربع حقاق و خمس بنات لبون وفاقا للشافعي في أحد قوليه، و الآخر، أربع حقاق لا غير و به قال أبو حنيفة.
لنا ما ورد في الأخبار أنّه إذا زادت على مأة و عشرين ففي كلّ خمسين حقّة و في كلّ أربعين بنت لبون و هذا عدد اجتمع فهي خمسينات و أربعينات فيجب أن يكون مخيّرا. [3]
فصل أمّا البقر فلا يجب فيها شيء حتى تبلغ ثلاثين،
فإذا بلغتها ففيها تبيع أو تبيعة و هي الّتي أتى عليها حول، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعين ففيها مسنّة، و هي الّتي لها حولان بلا خلاف إلّا من سعيد بن المسيّب [4] و الزهريّ فإنّهما قالا: في كلّ خمس شاة إلى ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة [5].
لنا أن الأصل براءة الذمّة من الحقوق [51/ ب] في الأموال فمن ادّعى حقا واجبا لزمه الدليل الشرعيّ [6] و إذا زادت على الأربعين فليس فيها شيء حتى تبلغ ستّين، فإذا بلغت ففيها تبيعان أو
[4] سعيد بن المسيب بن أبي وهب القرشي، المخزومي، أبو محمّد المدني، سيّد التابعين. روى عن: أبيّ بن كعب، و أنس بن مالك، و البراء بن عازب و غيرهم. مات سنة (94). تهذيب الكمال: 11/ 66 رقم 2358.