responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تذكرة الفقهاء المؤلف : العلامة الحلي    الجزء : 1  صفحة : 0
الكتاب: تذكرة الفقهاء (ط.ج) المؤلف: العلامة الحلي الجزء: 1 الوفاة: 726 المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث الطبعة: الأولى سنة الطبع: محرم 1414 المطبعة: مهر - قم الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - قم ردمك: 964-5503-34-5 ملاحظات: 964-5503-33-7 (20 Vols.)
تذكرة الفقهاء تأليف العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر المتوفى سنة 726 ه‌ الجزء الأول تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
تعريف الكتاب 1
Bp علامة حلي، حسن بن يوسف، 648 - 726 ق.
182 تذكرة الفقهاء / تأليف العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر، 4 ت 8 ع / تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث. قم: مؤسسة آل 1372 البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1414 ق - 1372 -.
20 ج، نمونه.
كتابنامه بصورت زيرنويس.
1 - فقه جعفري - قرن 8. ألف. مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث. ب: عنوان.
شابك 7 - 33 - 5503 - 964 احتمالا 20 جزءا . VOLS 7 20 _ 33 _ 5503 _ ISBN 964 شابك 5 - 34 - 5503 - 964 ج 1 1. VOL 5 _ 34 _ 5503 _ ISBN 964 الكتاب: تذكرة الفقهاء / ج 1 المؤلف: العلامة الحلي تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - قم التصوير الفني (الزينگغراف): ليتوكرافي حميد - قم الطبعة: الأولى - محرم 1414 ه‌ الكمية: 3000 نسخة السعر: 3000 ريال ساعدت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي على طبعه
تعريف الكتاب 2
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف الكتاب 3
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث قم - دورشهر - خيابان شهيد فاطمي - كوچه 9 - بلاك 5 ص. ب 996 / 37185 - هاتف 23435 و 37371
تعريف الكتاب 4
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وصلى الله على نبيه المصطفى ورسوله المسدد محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وبعد: فإن من الحقائق الراهنة التي لا بد من التسليم بها: أن التراث الفقهي عند الشيعة الإمامية يشكل ثروة عظيمة، والجهد المبذول في سبيله يتميز بين فقه المذاهب الأخرى باتسامه بالموضوعية، وابتعاده عن التحيز والعصبية وتجاوز الواقعية، ولمراعاته الدقيقة لأصول البحث العلمي والجدل الحر المنفتح على الآراء المختلفة لجميع المذاهب الإسلامية.
وإذا كان الكثير من المصادر الفقهية، والموسوعات المتخصصة قد أصابها التلف والضياع عبر العصور المتوالية بما جرى فيها من الظلم على طائفة الشيعة خاصة، وعلى عموم المسلمين نتيجة للكثير من الفتن المتلاحقة، والحروب والغزوات من قبل المغول وغيرهم، والسعي المحموم من قبل المراكز الأوربية من خلال الآلاف من المستشرقين والتجار الذين كانوا يجوبون الوطن الإسلامي الكبير بحثا عن المخطوطات النادرة والنفيسة لتنقل بصلاته وجرأة إلى المكتبات المتفرقة في أوربا بعيدا عن أصحابها
مقدمة التحقيق 5
الشرعيين والذين هم بأمس الحاجة إليها، مضافا إلى حالات الإهمال واللامبالاة الموجودة لدى البعض ممن توارثوا هذا التراث العظيم من خلال نسخه المخطوطة.
نعم إذا أدركنا كل هذه الحقائق فإنا سنجد أمامنا آفاقا واسعة تترجم الشكل العميق والرصين لنشأة الكثير من المفاهيم والأدلة الخاصة بالأدلة الشرعية الإجمالية لمفهوم الفقه الإسلامي بشكل عام، مع أن هناك أكثر من عشرة قرون تم خلالها تدوين هذا الفقه وضبطه في مؤلفات فقهية مختصرة وموسعة.
وأيا يكن فنحن من خلال بحثنا المختصر هذا سنحاول أن نستعرض ولو جانبا محددا عن ماهية الفقه ودوره المؤثر في تنظيم حياة البشرية، مستطرقين من خلالها إلى شرح مبسط عن المذاهب الفقهية الإسلامية وصولا إلى صلب حديثنا عن الفقه المقارن، وما كتب فيه، وما هي أبعاده.
الفقه لغة واصطلاحا الفقه كما قد تتوافق على ذلك جميع المصادر لغويا: بأنه العلم بالشئ والفهم له.
فقد ذكر الجوهري في الصحاح: الفقه: الفهم. قال أعرابي لعيسى ابن عمر: شهدت عليك بالفقه.
تقول منه: فقه الرجل، بالكسر. وفلان لا يفقه ولا ينقه. وافقهتك الشئ [1].



[1] الصحاح - فقه 6: 2243.
مقدمة التحقيق 6

وجاء في القاموس المحيط: الفقه (بالكسر): العلم بالشئ والفهم له
والفطنة، غلب على علم الدين لشرفه (1).
وفي لسان العرب: الفقه: العلم بالشئ والفهم له، والفقه الفطنة (2).
وإلى هذا المعنى أشار قوله تعالى في كتابه الكريم (قالوا يا شعيب ما
نفقه كثيرا مما تقول) (3) أي لا نعلم ولا نفهم حقيقة كثير مما تقول (4).
يقول ابن القيم: والفقه أخص من الفهم، وهو فهم مراد المتكلم من
كلامه، هذا قدر زائد على مجرد وضع اللفظ في اللغة، وبحسب تفاوت
مراتب الناس في هذا تتفاوت مراتبهم في الفقه والعلم.
ويقول الآمدي: الفهم عبارة عن جودة الذهن، من جهة تهيؤه
لاقتناص كل ما يرد عليه من المطالب، وإن لم يكن المتصف به عالما،
كالعامي الفطن (5) وأما اصطلاحا فإن كلمة الفقه في أول الأمر كانت تطليق على معارف
الشريعة، حيث فسر بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: " رب حامل
فقه إلى من هو أفقه منه ".
وبهذا المعنى فسر قوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة
ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (6).
وكذلك قوله صلى الله عليه وآله: " من يرد الله به خيرا يفقهه في



[1] القاموس المحيط 4: 289.
[2] لسان العرب 13: 522.
[3] هود 11: 91.
[4] تفسير الطبري 12: 64.
[5] الأحكام في أصول الأحكام 1: 7.
[6] التوبة 9: 122.
مقدمة التحقيق 7

الدين ".
إلا أن التمايز التدريجي للمعارف الدينية المختلفة، وتبلور الشكل
المستقل لهذا العلم، واستقلاله بقواعد وأحكام حيث انحصر بحدود
الأحكام الشرعية الخاصة بأفعال المكلفين أدى إلى خروج الفقه اصطلاحا
عن حدود المعنى السابق ليدخل مرحلة أخرى من مراحل تطوره، وليصبح له
مدلوله المقتصر على الأحكام العملية، أي ما يسمى بالعبادات
والمعاملات، وحيث يستمر في التطور والترقي عندما يتوسع الفقهاء في
مدلول كلمة الفقه هذه، وذلك الاجتهاد المختص، فأصبحت هذه الكلمة تطلق
على العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية بطرقها المختلفة، أو المستمدة
من الأدلة التفصيلية (1) ومن خلال هذا الاستعراض الموجز يظهر بوضوح أن
الفقه هو - تحديدا - العلم بالأحكام العملية دون الاعتقادية، وأن الاجتهاد
يتأطر ضمن المواضع التي ليس لها أحكام قطعية تدل عليها النصوص الثابتة
التي لا تحتمل الخارجية، بل يختص بالأحكام الفرعية الظنية المستنبطة.
بين الفقه والفقهاء
لعل التأمل في المكانة التي تحتلها الفقه والفقهاء في نظر الشارع
المقدس إليهما تظهر بوضوح عمق الأثر الذي لا يمكن الإعراض عنه في حياة
البشرية جمعاء، والمسير الحثيث نحو الآخرة المطمئنة السعيدة.



[1] في كتاب معالم الأصول (ص 66): والفقه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية
الفرعية عن أدلتها التفصيلية.
مقدمة التحقيق 8

أجل إن للفقه وحملته مكانة عظيمة قد لا يرقى إليها شأن آخر، مهما
علا، ولا غرو في ذلك، فالفقه يعد - بلا شك - القانون والمعيار الذي
يستطيع من خلاله المسلم إدراك حقيقة عمله أحلال هو أم حرام، بل
أصحيح هو أم فاسد، وما أدق وأعظم هذا الأمر في حياة المسلم.
ولذلك نجد الأحاديث تنهال على هذا العلم المقدس وأهله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " (1).
وقال صلى الله عليه وآله: " فقيه أشد على الشيطان من ألف عابد " (2).
وقال أيضا: " إن رجالا يأتونكم من أقطار الأرضين يتفقهون في الدين،
فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا " (3).
وقال صلى الله عليه وآله: " خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن
سمت، ولا فقه في الدين " (4).
وقال صلى الله عليه وآله: " خياركم أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا " (5).
وسئل صلى الله عليه وآله: من خير الناس؟ فقال: " أفقههم في دين
الله... " (6).



[1] أمالي المفيد 1: 158 / 9، صحيح البخاري 1: 16، سنن الدارمي 1: 74، مسند
أحمد 1: 306.
[2] سنن الترمذي 5: 48 / 2681.
[3] أمالي الطوسي 2: 92، سنن الترمذي 5: 30 / 2650، سنن ابن ماجة 1:
92 / 249.
[4] أمالي المفيد 1: 274 / 5، سنن الترمذي 5: 49 / 2684.
[5] مسند أحمد 2: 467.
[6] مسند أحمد 6: 68.
مقدمة التحقيق 9

وقال صلى الله عليه وآله: " أفضل العبادة الفقه... " (1).
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: " من اتجر بغير
فقه فقد ارتطم في الربا " (2).
وقال عليه السلام: " القرآن جعله الله... وربيعا لقلوب الفقهاء " (3).
وقال الإمام الصادق عليه السلام: " ليت السياط على رؤوس أصحابي
حتى يتفقهوا في الحلال والحرام " (4).
الفقه الإسلامي ونشأة المذاهب الفقهية
لقد كانت الحقبة الزمنية الممتدة من بدايات القرن الثاني وحتى
منتصف القرن الرابع الهجري تقريبا مقطعا هاما، وانعطافا ملحوظا في تبلور
ونشأة الكثير من الأفكار والأطروحات العقائدية والفكرية المختلفة على طول
الأرض الإسلامية، وإن كانت تتبلور بشكل أوضح في بعض المدن
الحساسة كبغداد مثلا، والتي أصبحت حاضرة كبيرة من حواضر الثقافة
الإسلامية، ضاهت برفعتها، وخلال فترة الكوفة والمدينة ودمشق.
ولا غرو في ذلك فإن ذلك العصر كان شاهدا لعدة من التغيرات
الواضحة في البنية الفكرية وقواعدها المعروفة، لطروء الكثير من المؤثرات
الداخلية والخارجية الفاعلة، والتي وجدت في الكثير من مرابعها الاستعداد
النفسي والحضاري لتلقيها والتأثر بها، بل وبناء الجم الوفير من التصورات



[1] الخصال: 30 / 104.
[2] نهج البلاغة 3: 259.
[3] نهج البلاغة 3: 42.
[4] المحاسن: 229 / 165.
مقدمة التحقيق 10

استنادا وتأثرا بالفعل الخاص بها.
فلقد توسعت الإسلامية، وضربت بأطناب سلطتها في أصقاع
بعيدة وقاصية من أرض المعمورة، ودخلت تحت ظل وجودها الكثير من
الشعوب والقوميات المختلقة، بعقائدها وأفكارها الخاصة والمعقدة، بل
وذات العمق الحضاري الذي تضرب جذوره في أعماق سحيقة من التأريخ،
وكان لا بد من أن تنبعث هذه الأفكار بشكل أو بآخر لتجد لها موطأ قدم على
أرض الواقع المعاشي، وتلك حقيقة لا ينفيها العقلاء، فأوجدت هذه الحالة
بعدين جديدين أمام الفكر الإسلامي وقاعدته الواسعة:
1 - العبد الأول: ويتمثل بقدرة الفكر السلامي على رد جميع
الشبهات والأفكار الدخيلة اعتمادا على قدرة هذا الفكر على التطور
والاستيعاب وإيجاد البدائل.
2 - البعد الثاني: ويتمثل بالتأثر بشكل أو بآخر، بهذه الأفكار وتسربها
بأكثر من شكل وستار إلى البعض لتطرح من جديد بثوب إسلامي شرعي.
ولقد كان موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم يمثل بوضوح الشق
الأول بريادة الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، حيث كان
تأسيسه لمدرسته العلمية يمثل في أهم أبعاده السد الحائل أمام نفوذ الكثير
من تلك الأطروحات الغريبة إلى داخل البنيان الإسلامي، وحاجزا أمام نشوء
حالة الاختلاط المريب والتسرب البطئ الذي يشكل مع الأيام وجودا خطرا
على عموم البنيان الإسلامي العظيم.
إن التأمل اليسير في حجم التسرب الفكري والعقائدي الذي أصاب
رواد الشق الثاني الذي أشرنا إليه آنفا يبين بوضوح عظم الأثر الذي تركته
هذه المدرسة المباركة الكبرى.
إن هذا العصر كان شاهدا للكثير من التطورات والتغيرات المهمة
مقدمة التحقيق 11

والكبرى وعلى أصعدة واسعة ومختلفة تركت آثارها الواضحة على البناء
الفكري والثقافي للمجتمع الإسلامي، ومن ذلك انتشار صناعة الورق أبان
تلك الفترة الزمنية، فكان ذلك سببا مباشرا في سهولة الحصول على الكتب
والمؤلفات التي كان يصعب الحصول عليها بعسر استنساخها على أوراق
البردي أو الرق.
مضافا إلى ما شهده العصر العباسي الأول من اعتناء واسع بالترجمة
عن الثقافات الأجنبية، والتي بدأت في عصر المنصور (ت 158 ه‌) وبلغت
أوجها في عصر المأمون بعد أن إنشاء أبوه الرشيد دار الحكمة وجلب إليها
الكتب من أنحاء المعمورة، واستقدم العديد من المتخصصين بالترجمة من
اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، وكان من نتيجة ذلك أن نشأت طبقة
متضلعة بالترجمة عمدت إلى تعريب الكثير من المؤلفات الرومانية والفارسية
واليونانية والهندية وغيرها، فواجه المفكر المسلم، والعامة من الناس ثقافات
جديدة وغريبة، فتعاملوا معهما كما أشرنا سابقا بين المد والجزر.
ولعل من الحلقات الكبرى في هذا الوضع الجديد على الساحة
الإسلامية، والذي عمد إلى استثمار الفرص الأخرى التي أشرنا إليها، هو
نشوء الدولة العباسية، واستقرار دفة الأمور بيديها.
فبعد أن استقر المقام بالعباسيين على سدة الدولة الإسلامية، وجدوا
أن من غير المنطقي استمرارهم في التمسك بالكثير من الشعارات التي
تاجروا بها ردحا من الزمن، واتخذوها وسيلة للوصول إلى قمة الهرم في الدولة
الإسلامية، وحيث كانوا يدركون خطر الاستمرار في التمسك بها والدعوة
إليها على وجودهم وتربعهم على سدة الحكم.
ومن أهم تلك الشعارات التي نادوا بها طويلا، وكانت العامل الأكثر
حساسية في التفاف الكثير حولهم، هو شعار الدعوة لآل محمد صلى الله
مقدمة التحقيق 12

عليه وعليهم، والذي أكسبهم الكثير من الشرعية عند عموم المسلمين.
نقول بعد ذلك الأمر كان لا مناص أمام الدولة العباسية وحكامها إلا
البحث عن البدائل الأخرى، فعمدوا إلى تقريب العلماء والمفكرين، لا
لغرض علمي أو ديني كما توهمه البعض أو يريد أن يصوره للآخرين، بل
لغرض سياسي بحت، هو إضفاء صفة الشرعية على حكمهم، فكان أن ارتاد
بلاطهم الكثيرون من المستجدين فتات موائدهم، بهدف إزواء فقهاء أهل
البيت عليهم السلام.
كما أن الدولة شخصت بشكل أو بآخر نمو الكثير من المذاهب
والمعتقدات المختلفة لأغراض شتى متفاوتة، بين الجهل، وإضفاء صفة
الحرص على العلم على دولتهم، وإيجاد البدائل الممكنة قبالة مذهب أهل
البيت عليهم السلام.
بلى إننا عندما نجزم بحقيقة توجه الدولة العباسية المعادي لخط أهل
بيت النبوة عليهم السلام لا يعني ذلك مخالفتنا الفكرية والعقائدية لتطور
الأفكار ونموها بقدر ما أردنا الإشارة إليه من تدبير خطير تعاهدته أيدي
العباسيين بالرعاية والاهتمام.
ولذا فإن البذور الأولى لنشأة المذاهب الفقهية الإسلامية قد تكونت
إبان حكم الدولة العباسية، وأخذت تشتد بمرور الأيام ثم تبين
استقلالها وتفرقها بوضوح بعد تردي أوضاع هذه الدولة، وانقسام الحياة
الفكرية العامة لدى المسلمين، وسعي تلاميذ أصحاب المذاهب الفقهية
المختلفة الدؤوب في الدعوة إلى مذاهبم، بعيدا عن مذهب أهل البيت
عليهم السلام، وحيث بقي طوال تلك المدة عرضة للمطاردة والتنكيل،
يقابله اعتناق البعض من الحكام لمذاهب معينة وفرضهم على الساحة أن
تكون خالية مما عداه من المذاهب الأخرى إلا المذهب الذي يؤمن به.
مقدمة التحقيق 13

المذاهب الإسلامية وأدلتها الشرعية
لعله من نافلة القول إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد رحل من هذا
العالم بعد السنين التي عاش فيها بين المسلمين، يتأملون عبادته من طهارة
وصلاة وصوم وحج وغير ذلك فيتبعونه في ذلك، ويرجعون إليه فيما اختلفوا
فيه أو شكوا في صوابه، وأما ما يروى من الروايات المذكورة في مظانها من
مفهوم الاجتهاد في عصره صلى الله عليه وآله فإنه كان لا يتجاوز عملية بذل
الجهد لا كما أصبح عليه الآن مما يدل عليه اصطلاحا من استنباط الأحكام
الشرعية من أدلتها التفصيلية.
كما إننا لا نتفق مع الرأي القائل بوقوع الاجتهاد من قبل رسول الله
صلى الله عليه وآله كما ذهب إلى ذلك الآمدي في الأحكام (1) وغيره، لأن
ذلك يتنافى صراحة مع قوله تعالى (وما ينطق عن الهوى).
وما رواه أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت
أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم أريد
حفظه، فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شئ تسمعه ورسول الله صلى الله
عليه [وآله] بشر يتكلم في الغضب والرضا! فأمسكت عن الكتاب!
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فأومأ بإصبعه
إلى فيه فقال: " أكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق " (2).
ولأن الاجتهاد كما نعلم يفيد الطن، وقد اتفق على ذلك الجميع،
ومنهم الآمدي في الأحكام حيث قال: الاجتهاد مخصوص باستفراغ الوسع



[1] الأحكام في أصول الأحكام 1: 398.
[2] سنن أبي داود 3: 334 / 3446.
مقدمة التحقيق 14

في طلب الظن بشئ من الأحكام الشرعية على وجه يحسن من النفس
العجز عن المزيد فيه (1).
فإذا كان كذلك فلم كان صلى الله عليه وآله يتوقف في العديد من
الأحكام حتى يرد عليه الوحي من قبل الله تعالى، وقد كان بإمكانه الاجتهاد
في ذلك وعدم الانتظار؟ ثم إن في الاعتقاد بذلك مدخلا خطيرا يضعف
القول القطعي بأن الشرع الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله هو من
الله تعالى، كما أنه يوهن الثقة المطلقة بأحكامه صلى الله عليه وآله طالما أن
الاجتهاد محتمل الحالتين: الخطأ والصواب، وذلك منفي عن الرسول صلى
الله عليه وآله قطعا.
نعم لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وآله وخلف لأمته شيئين اثنين،
جعلهما المرجع السليم لهذه الأمة عند الاختلاف، ألا وهما: كتاب الله عز
وجل، وعترته أهل بيته عليهم السلام، بنص قوله صلى الله عليه وآله: " إني
تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر:
كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (2).
إلا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لم يتخلفوا عن امتثال
أمره حتى قبيل موته صلى الله عليه وآله، فكانت أولى هذه المسائل قضية
الخلافة الشرعية عنه صلى الله عليه وآله، فخالفوا في ذلك النص الصريح،
والأمر الواقع، فكان في ذلك أول خروج عن الخط النبوي القويم، وأوضح
انحراف عن الالتزام بالشق الثاني المتمثل بالثقل الآخر الذي خلفه رسول



[1] الأحكام 4: 396.
[2] سنن الترمذي 5: 662 / 3786، 663 / 3788، مسند أحمد 3: 17 و 5: 181،
مستدرك الحاكم 3: 109 و 148، أسد الغابة 2: 12.
مقدمة التحقيق 15

الله صلى الله عليه وآله لأمته من بعده.
ومع توالي الأيام والسنون، توالت الاختلافات، وتباعدت الآراء، كل
يجتهد برأيه قبالة الرأي الصريح لأهل بيت العصمة عليهم السلام، ولو
رجعوا إليهم لانهالت عليهم البركات من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكن
ابتعدوا فتفارقوا واختلفوا.
ورب سائل عن أسباب هذه الاختلافات في الكثير من الأحكام
الفقهية الخاصة بالمسائل العباديد والحياتية، رغم لزوم أن تتفق على أمر
واحد لأنها تصدر من مشكاة واحدة مصدر واحد معين؟؟!
فالجواب: أن الله تبارك وتعالى لم يكن ليدع الأمة حيرى تخبط
العشواء، لا تهتدي إلى سبيل، ولا تأوي إلى مأمن، أليس هو الحكيم
الخبير، واللطيف الرحيم؟ أنا نعتقد أن لا يقول بذلك عاقل، أو من وهبه الله
نورا يستضئ به.
إن الأئمة المعصومين من أهل بيت النبوة عليهم السلام كانوا هم سبيل
نجاة الأمة من هذا التخبط والاختلاف، لأنهم يمثلون الامتداد الحقيقي
للنبوة، وحاملوا أعباء ديمومتها، فلذا لا حيرة ولا اضطراب ولا اشتباه لمن
تمسك بحبلهم ومشى في ظلهم وأبصر بنورهم ولكن أبت هذه الأمة إلا أن
تعرض عن هذا الصراط الواضح، والامتداد المأمون للصراط المستقيم،
فكانت هذه الاختلافات التي يجب أن تكون، وتفرقت بالمسلمين السبل
والأهواء.
وعندما نتحدث عن الاختلاف لا يسعنا إلا أن نضع أصابعنا على
الجرح الحقيقي، وموطن الداء الوبيل الذي أدى إلى حدوث هذه الظاهرة
التي أشرنا إليها في بداية حديثنا.
إن الأمة وبعد ابتعادها عن أهل بيت نبيها عليه وعليهم السلام واتكالها
مقدمة التحقيق 16

على أدواتها القاصرة عجزت عن الوصول إلى الغاية الشرعية المطلوبة من
خلال محاولتها استنباط الحكم الشرعي السليم والصائب، ولعل مرجع ذلك
إلى مجموعة من الأمور، ولعل عدم الإحاطة الشاملة والإلمام الدقيق بحديث
رسول الله صلى الله عليه وآله وسنته يحتل المجال الأوسع والأكبر في ميدان
هذا الاضطراب الحاصل والغريب.
فالمطالعة المتأملة لتاريخ الصدر الأول من الحكم الإسلامي، وبعد
وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، ويحث ينبغي أن تكون الصورة أوضح
لاتصال العهدين، تكشف لنا تلك المطالعة العكس من ذلك، حيث يبدو
الاضطراب واضحا في تبين جملة الحقائق المرادة.
فقد روي مثلا عن أبي بكر أنه سئل أبان خلافته عن ميراث الجدة؟
فلم يهتد إلى الإجابة! ولم يجد بدا عن الرد على ذلك السائل بقوله: ما لك
في كتاب الله من شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله
من شئ، ولكن اسأل الناس!! والواقعة مشهورة، حيث قيل إنه اندفع إلى
المسلمين يسألهم عن ذلك فقام بعض الصحابة فشهدوا أن رسول الله صلى
الله عليه وآله أعطاها السدس، فقضى أبو بكر بذلك (1).
ومثل ذلك روي عن عمر بن الخطاب حيث جهل أن المرأة ترث من
دية زوجها (2)، بل ولم يكن يعلم سنة الاستئذان (3)، ولا حكم دية الأصابع (4).
وإذا كان ذلك هو حال كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله فما
حال صغار الصحابة أو التابعين، والذين يعتمدون في الكثير من أحكامهم



[1] سنن أبي داود 3: 121 / 2894، سنن الترمذي 4: 420 / 2101.
[2] سنن الترمذي 4: 425 - 426 / 2110.
[3] شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 182، الدر المنثور 6: 93.
[4] سنن البيهقي 8: 93.
مقدمة التحقيق 17

على رأي أولئك واجتهاداتهم.
والأنكى من ذلك أن الكثير من الصحابة قد انتشروا في بقاع الأرض
الإسلامية وأخذ كل واحد منهم يحدث بما يراه صحيحا أو يعتقد أنه كذلك،
حيت اختلط السقيم بالسليم.
هذا الأمر يمثل الجانب الأول الذي أوجد صورة مشوشة عن سنة
رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا ما سلمت منه مدرسة أهل البيت عليهم
السلام حيث أن كل علومهم تصدر عن معدن الرسالة بطرق أمينة موثوقة.
والمشكلة الأخرى التي واجهها المسلمون عندما انفردوا برأيهم عن
أهل بيت نبيهم هو اختلافهم في فهم النص وتفسيره وعلى ذلك شواهد كثيرة
ومتكررة، وإذا كنا قد أشرنا في أول حديثنا إلى ما يختص بالصدر الأول من
الحكم الإسلامي، فإن من جاء بعد ذلك، وكنتيجة منطقية لواقع الحال كان
الاضطراب أبين وأوضحح، ومثال ذلك تفسيرهم للحكم الشرعي الواقع
على زكاة الخليطين، حيث اختلفوا في ذلك تفسيرهم للحكم الشرعي الواقع
على زكاة الخليطين، حيث اختلفوا في ذلك بشكل واسع، فقد ذهب
الشافعي إلى أن الخليطين - فيما إذا كان كل واحد منهما يملك دون
النصاب، وإذا خلطا ماليهما بلغا النصاب - فيما إذا كان كل واحد منهما يملك دون
النصاب، وإذا خلطا ماليهما بلغا النصاب - إذا كانا من أهل الزكاة يزكيان زكاة
الرجل الواحد إذا استجمعت الخلطة شروطها (1)، محتجا على ذلك بما ورد
في حديث الصدقة " لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية
الصدقة، وما كان من خليطين فإنها يتراجعان بينهما بالسوية " (2).
حيث فسر صدر قوله صلى الله عليه وآله بالخلطاء يملكون مائة
وعشرين شاة، فإذا زكيت مجتمعة كان عليها واحدة، وإذا زكيت متفرقة وكانوا
ثلاثة يملك كل واحد أربعين، فيجب حينذاك ثلاث شياه، فلا يفرق بين



[1] مغني المحتاج 1: 376.
[2] صحيح البخاري 2: 122.
مقدمة التحقيق 18

المجتمع، ويجب فيها شاة واحدة. وبرجلين يملك أحدهما مائة شاة،
والآخر مائة وواحدة، فالزكاة عليهما شاتان مفترقتين وثلاث مجتمعين، فلا
يجمع بينهما، بل يزكي كل واحد على حدة.
وفسر ذيل حديثه صلى الله عليه وآله المتقدم: بأن يكون للرجلين مائة
شاة، وتكون غنم كل واحد منهما معروفة، فتؤخذ الشاة من غنم أحدهما،
فيرجع المأخوذ منه الشاة على خليطه بنصف قيمة الشاة المأخوذة عن غنمه
وغنمه، إذا كان عدد غنمهما واحدا.
فإذا كانت الشاة مأخذوة من غنم رجل له ثلث الغنم، ولشريكه ثلثاها،
رجع المأخوذ منه الشاة على شريكه، فغرم حصة ما أخذ عن غنمه (1).
وواقفة في ذلك أحمد، إلا أن الحنيفة خالفوهم في ذلك، فذهبوا إلى
أن الخلطة ليس لها تأثير في نصاب الزكاة، فلا يجب على واحد من الخلطاء
إلا ما كان يجب عليه قبل الخلطة، وفسروا صدر قوله صلى الله عليه وآله
ذلك: بإنه لا يجمع بين مفترق في الملك، لا في المكان بأن يملك رجل
أربعين وآخر أربعين، فلا يجمع بينهما ليؤخذ منهما شاة، وبالرجل يكون في
ملكه نصاب، فلا يفرق حتى تجب عليه الزكاة.
وبالرجل يكون في ملكه ثمانون، فلا تفرق حتى يجب عليه شاتان.
وأما ذيل قوله صلى الله عليه وآله ففسروه بالشريكين، فإنهما يتراجعان
بينهما بالسوية (2).
وأما مالك فقد ذهب في الموطأ إلى أن الخليطين تجب الزكاة في



[1] الأم 2: 14.
[2] انظر: المبسوط (للسرخسي) 2: 154، نيل الأوطار للشوكاني 4: 139، وبداية
المجتهد لابن رشد 1: 263.
مقدمة التحقيق 19

ماليهما معا، شريطة أن يكون كل واحد منهما يملك في أول الأمر ما تجب
فيه الزكاة، وفسر قوله صلى الله عليه وآله تفسيرا آخر (1).
وهكذا هو حال غير ذلك من النصوص، فراجع.
وأما العلة الأخرى الواضحة التي أدت بهم إلى الاضطراب في تحديد
الحكم الشرعي الموحد فإنه يعود إلى حيرتهم أمام الاشتراك اللفظي للكثير
من المفردات اللغوية العربية في الدلالة على المعنى.
ولقد كان هذا الاشتراك سببا واضحا في إيجاد الاختلاف الكبير بين
الفقهاء في الكثير من الأحكام الفقهية المختلفة، حيث تضاربت آرائهم في
تقدير مراد الشارع المقدس من تلك الألفاظ، ولذلك شواهد كثيرة في كتب
القوم الفقهية لا يسعنا المجال لإيرادها ومناقشتها، ومن ذلك حيرتهم في
تحديد عدة الحائض من قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة
قروء) (2) استدلالا بكلمة القرء واشتراكها اللفظي بين الطهر والحيض،
فراجع.
وكتحديهم لوقت الذبح في الأيام المعلومات الواردة في قوله جل
اسمه (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) (3) حيث
اختلفوا في تحديد اليوم لورود استعماله في اللغة بما يشمل الليل، أو يختص
بالنهار.
وكذا فإنهم اختلفوا في جواز أكل المحرم من لحم صيد البر استنادا
إلى ما ورد من قوله تعالى (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) (3) حيث
اختلفوا في تحديد اليوم لورود استعماله في اللغة بما يشمل الليل، أو يختص
بالنهار.
وكذا فإنهم اختلفوا في جواز أكل المحرم من لحم صيد البر استنادا
إلى ما ورد من قوله تعالى (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) (4) لورود



[1] انظر الموطأ 1: 263 - 264.
[2] البقرة 2: 228.
[3] الحج 22: 28.
[4] المائدة: 5: 96.
مقدمة التحقيق 20

اسم الصيد في اللغة بما يخص الاصطياد في جانب، في حين يقع هذا
الاسم أيضا على المصيد. ومثل ذلك في حكم مباشرة المرأة وقت الحيض
فيما دون الفرج، ووقوع الطلاق بانتهاء مدة الإيلاء، وغير ذلك.
وظاهرة اختلاف القراءات بانتهاء مدة الإيلاء، وغير ذلك.
وظاهرة اختلاف القراءات شكلت مشكلة حساسة ودقيقة في اضطراب
الكثير من الأحكام وتعارضها، ولعل من أبين الحالات هو الاختلاف
الحاصل في تفسير مراده تعالى من آية الوضوء (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم
إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم
وأرجلكم إلى الكعبين) (1).
إلى غير ذلك من العوامل المؤثرة في إيجاد هذا التفاوت البين في
معرفة الحكم الشرعي، وما يترتب عليه من تعاضر واضح، وتفاوت مشهود
في أشكال الأعمال العبادية المختلفة بين أبناء الدين الواحد، والتي من
أوضحها تعارض الأدلة، وعدم وجود النص في واقعة معينة وغيرها.
وإن هذا الافتراق الذي قد تتفاوت درجاته، وتصل إلى حد الحرمة، من
خلال اختلاف النظرة الواضحة في أدلة الأحكام الشرعية من قبيل المسائل
التعبدية التي يبتلي بها المسلمون في كل عصر وأوان ومكان، يشكل بلا شك
غصة مرة في الحلوق لا مناص من الإقرار بوقوعها كأمر واقع، وهي تشكل
في واقعها مؤشرا واضحا لحصول ابتعاد هذه الأمة عن البحر الزاخر الذي
خلفه رسول الله صلى الله عليه وآله لهذه الأمة، ذلك البحر ذي المنهل
العذب الذي يا يبخل على رواده ولا يعجز عن إروائهم ما بلغوا.
لقد تعددت المذاهب الإسلامية، وتفرقت في ذلك السبل، فهي تتفق
حينا وتختلف أحيانا، ونرى ذلك بوضوح من خلال التأمل المتأني لمفردات



[1] المائدة 5: 6.
مقدمة التحقيق 21

ودقائق الأمور.
ولقد أفرد علماء وفقهاء تلك المذاهب الموسوعات الكثيرة والواسعة،
والتي قد يصل البعض منها إلى خمسين مجلدا، تحتوي على جملة واسعة من
الآراء الفقهية، والأحكام الشرعية الخاصة بذلك المذهب، والتي قد تختلف
اختلافا جوهريا مع الرأي المقابل للمذهب الآخر في كثير من وقائعه،
وسنحاول في هذه العجالة أن نلقي نظرة عابرة على كتب الفرق الإسلامية
الفقهية ومؤلفيها.
1 - المذهب الشافعي:
يعد كتاب " الأم " للشافعي المصدر الأساسي والأول لكل الفقه
الشافعي، حيث ضمنه جميع أبواب الفقه المعروفة.
وللشافعي أيضا كتب أخرى ألف البعض منها في العراق وفيها آراؤه
القديمة، والبعض الآخر في مصر تتضمن الآراء والأفكار الجديدة له.
ولعل من أهم تلك الكتب " الرسالة " و " جماع العلم " الذي يعد من أهم
الدراسات التي كتبها في الرد على أعداء السنة في عصره، وكذا كتاب
" الإملاء الصغير " و " الأمالي الكبرى " وغيرها.
وبعد الشافعي، كتب تلاميذه وفقهاء المذهب كتبا كثيرة، لعل
أهمها:
1 - مختصر المزني لأبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني (ت 264
هجري)، وهو أول من صنف في مذهب الشافعي، وكتابه المختصر من أهم
مصنفاته.
2 - المهذب لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (ت
476 ه‌)، وللمهذب شروح كثيرة أهمها المجموع للنووي.
مقدمة التحقيق 22

3 - التنبيه في فورع الشافعية للشيرازي صاحب المهذب، وعليه
شروح كثيرة.
4 - نهاية المطلب في دراية المذهب للجويني عبد الملك بن عبد الله
(ت 478 ه‌) وهو من كتب الفقه المقارن.
5 - البسيط في فروع الفقه لأبي حامد الغزالي (ت 505 ه‌).
6 - الوسيط في فروع المذهب للغزالي، وهو مختصر للبسيط، حذف
فيه الأقوال الضعيفة والشاذة.
7 - الوجيز في فقه الإمام الشافعي للغزالي.
8 - المحرر لأبي قاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي (ت 623 ه‌)،
مقتبس من كتاب الوجيز للغزالي، عليه شروح كثيرة أهمها " كشف الدرر في
شرح المحرر " لشهاب الدين الحصكفي (ت 985 ه‌).
9 - فتح العزيز في شرح الوجيز لصاحب المحرر، شرح فيه الرافعي
كتاب الوجيز للشافعي.
10 - المجموع لأبي زكريا محيي الدين النووي (ت 676 ه‌).
وللنووي أيضا مؤلفات أخرى أمثال الروضة في الفروع، ومنهاج
الطالبين، وهو اختصار لمحرر الرافعي.
وعلى منهاج الطالبين شروح كثيرة لعل أهمها: أ - تحفة المحتاج لشرح
المنهاج لابن حجر الهيثمي (ت 974 ه‌). ب - مغني المحتاج إلى معرفة
معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (ت 977 ه‌). ج - نهاية المحتاج
إلى شرح المنهاج لابن حمزة الرملي (ت 1004 ه‌).
وكذلك فإن من المتون المهمة المعتبرة في المذهب الشافعي هو متن
أبي شجاع لأحمد بن الحسين أبو شجاع الأصفهاني (ت 593 ه‌) وعليه
شرح كثيرة.
مقدمة التحقيق 23

2 - المذهب الحنبلي:
يعد كتاب " المسند " لأحمد بن حنبل من أهم المسانيد المؤلفة، إلا
أنه ليس لأحمد كتبا فقهي يعول عليه، بل أن الفقهاء هم الذين كتبوا في
المذهب فأكثروا، ولعل من أهم تلك المصنفات:
1 - مختصر الخرقي لأبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي، وهو أول
كتاب فقهي في فقه أحمد بن حنبل، وعليه شروح عديدة أهمها كتاب المغني
لابن قدامة.
2 - التذكرة لأبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي (ت 513 ه‌).
3 - الهداية لأبي الخطاب الكلوذاني (ت 516 ه‌).
4 - المستوعب لمحمد بن عبد الله السامري (ت 610 ه‌).
5 - ولموفق الدين بن قدامة المتوفى سنة (620 ه‌) عدة كتب في
الفقه الحنبلي: أهمها وأوسعها كتاب المغني، وموجز وهو كتاب المقنع،
ومتوسط بين الإطالة والاختصار وهو كتاب الكافي.
ولأهمية ابن قدامة عند الحنابلة أصبحت كتبه مورا للبحث
والتدريس، بل وأصبحت مؤلفاته وشروحها هي المتون المعتمدة في
الدراسات العلمية.
6 - المحرر لمجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي القاسم بن
تيمية (ت 652 ه‌)، وعلى هذا الكتاب شورح وحواشي متعددة.
7 - الفتاوى لابن تيمية وهي موسوعة كبيرة بلغت أجزاؤها 37 جزءا.
8 - الفروع لابن مفلح، والذي استدرك عليه سليمان المرداوي (ت
885 ه‌) بما أسماه (تصحيح الفروغ).
9 - الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل لموسى بن أحمد المقدسي
مقدمة التحقيق 24

(ت 968 ه‌).
10 - منتهى الإرادات لابن النجار (ت 972 ه‌)، جمع فيه بين
" المقنع " لابن قدامة، و " التنقيح " للمرداوي.
3 - المذاهب المالكي:
المعروف أن مالك بن أنس إمام المذهب المالكي لم يدون ما يعرف
بأصول هذا المذهب، وكذا قواعده الشرعية في الاستنباط، إلا أن كتاب
الموطأ يعد أهم علمي تركه، وهو كتاب حاوي على الحديث والفقه،
وحيث يعد المصدر الأول الذي يعول عليه عند المالكية وقد تتلمذ على يديه
عدد غفير من طلبة العلم الذين أصبحوا من بعده القواعد الأساسية التي
يرتكز عليها هذا المذهب، وقد ألف في هذا الاتجاه جملة من الكتب
المحدد لأصول المذهب المالكي وفقهه، والتي أهمها:
1 - الشروح الخاصة بكتاب الموطأ لمالك والتي أهمها:
أ - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر
الأندلسي (ت 463 ه‌).
ب - الإستذكار لمذهب الأنصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي
والآثار، لابن عبد البر أيضا.
ج‌ - المنتقى لابن الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت 474 ه‌).
د - تنوير الحوالك على موطأ مالك لجلال الدين السيوطي (ت 911
هجري).
ه‌ - شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك لمحمد بن عبد الباقي
الزرقاني المصري (ت 1122 ه‌).
2 - المدونات التي كتبت في القرن الثالث الهجري والتي تعرف
مقدمة التحقيق 25

بالأمهات، وهي:
أ - مدونة سحنون الأسدية، والتي دونها أسد بن فرات تلقيا عن ابن
القاسم أشهر تلاميذ مالك، والملازم له نحو عشرين عاما، إلا أنه أعاد النظر
فيها، تهذيبا وإضافة وترتيبا، فأصبحت الأخيرة محط أنظار المالكية دون
الأولى.
ب - الواضحة في السنن والفقه لعبد الملك بن حبيب (ت 238 ه‌).
ج‌ - المستخرجة العتبية على الموطأ لمحمد العتبي (ت 254 ه‌).
د - الموازية لابن المواز (ت 281 ه‌).
فهذه المدونات تعد المصدر الأساس الذي يعول عليه الفقه
المالكي.
3 - المختصرات والمتون، من أهمها:
أ - رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وهي اختصار لمدونة سحنون،
ولهذه الرسالة شروح أهمها الشرح الخاص بأحمد بن عيسى المعروف
بزروق (ت 899 ه‌).
ب - مختصر الشيخ خليل، وهو اختصار لما كتبه ابن الحاجب
المختصر بدوره لما كتبه البرادعي الذي كان من أصحاب أبي زيد، والذي
كان ما كتبه اختصارا لرسالة القيرواني.
ويعد هذا المختصر الكتاب المعتمد عند المالكية، وعليه شروح كثيرة
أهمها:
1 - مواهب الجليل لشرح مختصر الشيخ خليل لأبي عبد الله محمد
ابن محمد المكي (ت 954 ه‌).
2 - شرح الزرقاني على مختصر خليل لعبد الباقي الزرقاني (ت
1099 ه‌).
مقدمة التحقيق 26

3 - الخرشي على مختصر سيدي خليل للخرشي (ت 1101 ه‌).
4 - الشرح الكبير على مختصر سيدي خليل للدردير (ت 1201 ه‌)،
وعلى هذا الشرح حاشية مشهورة تعرف بحاشية الدسوقي لمحمد بن أحمد
ابن عرفة (ت 1230 ه‌).
4 - المذهب الحنفي:
تعد كتب ظاهر الرواية لمحمد بن الحسن الشيباني (ت 189 ه‌).
المصدر الأول للفقه الحنفي، وقد اختصر هذه الكتب الحاكم محمد بن
أحمد المروزي (ت 334 ه‌) في كتابه المعروف بالكافي، بعد حذفه
للمكرر منها.
ولعل من أهم كتب الحنفية: أ - المبسوط لأبي بكر السرخسي (ت 483 ه‌).
ب - تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقندي (ت 575 ه‌).
ج‌ - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (ت 587 ه‌).
كما أن هنا خمسة متون مهمة تشكل المحور الأساس للدراسات
العلمية في المعاهد الحنفية الموجودة، وهي:
أ - مختصر القدوري لأبي الحسين أحمد بن محمد القدور (ت
428 ه‌).
ب - الوقاية لبرهان الشريعة لمحمود بن أحمد المتوفى في حدود (673
هجري).
ج‌ - المختار لأبي الفضل الموصلي (ت 683 ه‌).
د - مجمع البحرين لابن الساعاتي (ت 694 ه‌).
ه‌ - كنز الدقائق للنسفي (ت 710 ه‌).
مقدمة التحقيق 27

وهكذا، ومن خلال هذا العرض المختصر لنشأة المذاهب الفقهية
المختلفة، ومرورنا العابر على البعض من كتب تلك الفرق، وتبلورها حول
أئمة خاصة بها، تفردوا بجملة من الآراء والأصول الفقهية، أو وافقوا الأخرين
في البعض الآخر منها، وكان الشيعة الإمامية، وهم أتباع أئمة أهل البيت
عليهم السلام، وحيث أخذوا فقههم منهم، قد اعتمدوا المصادر التالية في
استخراجهم للأحكام الشرعية التي يتعبدون بها، وهي:
1 - الكتاب، وهو القرآن الكريم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه
وآله من لدن حكيم خبير بواسطة جبرئيل الأمين عليه السلام.
2 - السنة الشريفة المطهرة، وهي:
أ - أقوال المعصوم المتمثلة بأوامره ونواهيه وتعليماته عليه السلام.
ب - أفعاله وأعماله التي أتى بها عليه السلام، المشعرة بإباحتها، إلا
إذا كان قد أتى بها بعنوان الوجوب أو استحباب فتدخل ضمنه، ما لم يكن
قد أتى بها لتخصصها به دون غيره.
ج‌ - تقريراته عليه السلام.
ونقصد بالمعصوم عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة
المعصومين من ذريته عليه السلام.
3 - الإجماع، وحجية الإجماع عند الشيعة إنما هي لأجل كونه موصلا
إلى قول المعصوم عليه السلام في المجمعين، ولهم في استكشاف ذلك
طرق ومباني مبينة في محلها.
4 - ما ثبت حجيته بهما كالاستصحاب - وهو في اصطلاح
الأصوليين: اعتبار متيقن الوجود أو ما بحكم المتيقن باقيا عند الشك في
زواله - بناء على كون حجيته من الأخبار لا من العقل، كما هو معروف.
5 - الأدلة العقلية، كالبراءة العقلية وغيرها مما ثبتت حجيتها بالعقل،
مقدمة التحقيق 28

ويسمى بحكم العقل، ويراد به الإدراك العقلي الموصل إلى الحكم
الشرعي، وينتقل من العلم بالحكم العقلي إلى العلم بالحكم الشرعي.
وفي الطرف الآخر نجد أن المذاهب الفقهية الأخرى، غير الشيعة
الإمامية - قد اعتمدوا جملة من مصادر التشريع وأدلتها يمكن أن تنقسم إلى
قسمين رئيسيين:
القسم الأول: الأدلة المتفق عليها بينهم، وهي: الكتاب، والسنة،
والإجماع، والقياس.
القسم الثاني: الأدلة المختلف فيها، ولعل أهمها:
1 - مذهب الصحابي.
2 - إجماع أهل المدينة.
3 - المصالح المرسلة.
4 - الاستصحاب.
5 - العرف.
6 - الاستقراء.
7 - الاستحسان.
وتتفاوت المذاهب الإسلامية في قبول هذه الأدلة أو ردها، والتعرض
لتفصيل المناقشة حول هذه الأدلة وبحثها لا تستوعبه هذه الصفحات القليلة.
إلا أن هذا التفاوت في اعتماد جمل الأدلة التي أشرنا إليها من كلا
الفريقين، كان يعني: وعلى أدنى تقدير - جملة لا بأس بها من الاختلافات
الواضحة في استنباط الأحكام الشرعية، لكن هذا الاختلاف لا يعني وجود
البون الشاسع والاختلاف الكبير المؤدي إلى إقامة الهوة بين هذه المذاهب
الإسلامية، بعضها مع البضع الآخر، أو مع فقه الشيعة كما يحاول البعض
فرضه، بل أن الأمر أقرب إلى التفهم والإدراك عند المناقضة الصريحة
مقدمة التحقيق 29

والعلمية المرتكزة على الأسس الشرعية والقواعد الإلهية التي يؤمن بها
الجميع بلا شك.
ولعل من هذا المنطلق المهم والحساس بنيت أركان الفقه المقارن
الذي نحاول التعرف على أشكاله من خلال كتابنا الماثل بين يديك أخي
القارئ الكريم، وهو كتاب " تذكرة الفقهاء " لأحد كبار علماء الشيعة، وهو
العلامة الحلي قدس الله سره.
وحقا إن نشأة هذا العلم غير واضحة المعالم ولا متكاملة الأبعاد،
حيث لم تتجاوز آنذاك حدود الإشارة إلى بعض الآراء الأخرى وفي حدود
ضيقة.
إلا أن الأمر أخذ أبعاده العلمية الواضحة، في جملة واسعة من
المؤلفات المتخصصة، والتي عمدت إلى احتواء مختلف الآراء الواردة في
أكثر من مذهب، من خلال مناقشة علمية، ومقارنة موضوعية تستهدف إلى
إثبات صحة الحكم المراد تثبيته من خلال الأدلة الشرعية المتفق عليها، أو
الملزمة للمعارض.
الفقه المقارن:
لم تكن بدايات ما يسمى بالفقه المقارن في أبعاده الحقيقية لتتجاوز
اعتماد المنهج الدفاعي الذي يسلكه الفقيه في الاحتجاج بالأدلة والأحكام
الشرعية للمدرسة التي ينتمي إليها ذلك الفقيه.
ومن المظاهر المعلومة لهذا الفن أبان تلك الفترة محدودية المسائل
التي يتم التعرض إليها في المناقشة، حيث لم تكن شاملة لكل مسائل الفقه،
بل كانت مقارنات جزئية محدودة.
بيد أن هذا الفن المهم - وبمرور الزمن - امتدت آفاقه لتشمل كل
مقدمة التحقيق 30

أبواب الفقه، بل ولم يعد في حقيقته لونا من ألوان الدفاع البحت عن مذهب
الفقيه بقدر ما فيه المختلفة، مع ترجيح الأصوب منها وفق الأدلة العلمية
المتوفرة، وإن كان ميل الفقيه إلى المذهب الفقهي الذي ينتمي إليه، مؤثر
على عمله.
وإن جدوى هذا المنهج العلمي يتضح من خلال الفوائد المترتبة عليه
والتي يمكن تلخيصها بما يلي:
أ - محاولة البلوغ إلى أحكام الفقه الإسلامي من أيسر طرقه وأسلمها،
وهو لا يتيسر عادة إلا بعد عرض مختلف وجهات انظر فيها وتقييمها على
أساس ثابت ومقطوع به.
ب - العمل على تطوير الدراسات الفقهية والأصولية، والاستفادة من
نتائج التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذا الهدف.
ج‌ - إشاعة روح التعاون بين الباحثين، ومحاولة القضاء على
مختلف النزعات العاطفية وإبعادها عن مجالات البحث العلمي.
د - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين، والحد من تأثير العوامل
المفرقة التي كان من أهمها وأقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس
ومباني البعض الآخر، مما ترك المجال مفتوحا أمام تسرب الدعوات
المغرضة في تشويه بعض المفاهيم والتقول عليهم بما لا يقولون به (1).
ويعد الفقه المقارن استدلالا بذلك متأخرا فعلا عن مرتبة الأصول
الفقهية والبحث فيها، حيث من الواضح أن الغاية من هذا العلم الفصل بين
الآراء المختلفة للمجتهدين، واختيار - أو على الأقل تقديم - أمثلها وأقربها



[1] انظر الأصول العامة للفقه المقارن: 14.
مقدمة التحقيق 31

إلى مراد الشرع، وهذا الفصل والتمييز بين الآراء لا يمكن إلا بعد حصول
القدرة الفعلية على معرفة الأمثل من الأدلة.
إن المكتبة الإسلامية بكل مذاهبها قد شهدت مجموعة كبيرة من
المؤلفات المختلفة التي تدور في هذا الفلك الواسع، رغم قصور البعض
منها عن ترجيح الأدلة، أو اقتصارها على بعض المسائل التي تقتضي
الضرورة والإشارة إليها.
وللشيعة الإمامية مؤلفات قيمة عمد مؤلفوها رحمهم الله - ومن خلال
طرحهم لمسائل الفقه المختلفة في أبوابه المتعددة - إلى التعرض إلى مجمل
الآراء لفقهاء الأمة الإسلامية، ومناقشتها والخروج بحاصل مثمر مؤيد للمبنى
الذي يذهب إليه ذلك المؤلف.
ولعل من أبرز ما كتب في هذا المجال:
* كتاب الخلاف لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
(ت 460 هجري).
* كتاب الإنتصار لما انفردت فيه الإمامية للسيد المرتضى (ت 436
هجري).
* تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (ت 726 ه‌).
* منتهى المطلب للعلامة الحلي أيضا.
وتعد هذه الكتب - بلا شك - رائدة في هذا الباب، ومتخصصة فيه،
حيث عمد فيها مؤلفوها رحمهم الله إلى مناقشة عملية وصريحة في إثبات
آرائهم الفقهية، وذكر أدلتهم عليها، ويعد كتابنا الماثل نموذجا واضحا في هذا
الفن، حيث يجد فيه المراجع ضالته إلا أن المؤسف كون الموجود منه إلى
أواخر كتاب النكاح، فقط، وسنتحدث عنه بشئ من التفصيل.
مقدمة التحقيق 32

ترجمة المؤلف:
* هو العلامة على الإطلاق الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر، أبو
منصور الحلي، أشهر من أن يعرف أو يترجم له.
* ولد في مدينة الحلة السيفية في شهر رمضان عام 648 ه‌، وإليها
ينتمي.
* أبوه الشيخ الفقيه، وشيخ الإسلام سديد الدين يوسف بن علي
المطهر الحلي.
* وأمه ابنة العالم الفقيه الشيخ أبي يحيى الحسن بن زكريا الحلي،
أخت الشيخ أبي القاسم المحقق الحلي الشهير.
* قرأ رحمه الله على جملة كثيرة من فضلاء عصره وعلمائه أمثال والده
وخاله رحمهما الله، والخواجة نصير الطوسي، والشيخ ميثم البحراني،
والسيد علي بن طاووس، والشيخ يحيى بن سعيد الحلي، والسيد
عبد الكريم ابن طاووس رحمهم الله تعالى وغيرهم.
* تتلمذ على يديه، وروى عنه جم غفير من العلماء المتفوقين
والبارعين، أمثال: ولده فخر الدين محمد، وابن أخته عبد المطلب الحسيني
الأعرجي، والسيد محمد بن القاسم أستاذ ابن عنبة، والسيد مهنا بن سنان
الحسيني، والشيخ الحسين بن إبراهيم الاسترآبادي، وغيرهم.
* له مؤلفات كثيرة في الفقه، والأصول، والحديث، والرجال وغيرها
من العلوم المختلفة بشكل قل نظيره عند غيره من علماء عصره، بحيث كانت
ولا زالت تلك المؤلفات قبلة الباحثين والعلماء، ومرجعا مهما في البحث
مقدمة التحقيق 33

والتدريس والمناقشة، أمثال: الأدعية الفاخرة المنقولة عن الأئمة الطاهرة،
والأربعين في أصول الدين، إرشاد الأذهان إلى أحكام الدين، إيضاح
الاشتباه في ضبط أسماء الرجال وألقابهم، إيضاح المقاصد في حكمة عين
القواعد، تبصرة المتعلمين في أحكام الدين، تحرير التجريد، كشف المراد في
شرح تجريد الاعتقاد، كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام،
مبادئ الوصول إلى علم الأصول، مختلف الشيعة إلى أحكام الشريعة،
منتهى المطلب في تحقيق المذهب، نهاية المرام في علم الكلام، نهاية
الوصول إلى علم الأصول، واجب الاعتقاد على جميع العباد... وغيرها.
* توفي رحمه الله تعالى في شهر محرم الحرام عام 726 ه‌، فحمل
جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف حيث دفن في جوار أمير المؤمنين علي
ابن أبي طالب عليه السلام.
* انظر ترجمة العلامة رحمه الله تعالى في:
رجال ابن داود: 78، خلاصة الأقوال: 45، نقد الرجال: 99،
مجالس المؤمنين 2: 359، منهج المقال: 109، رياض العلماء 1:
358، أمل الآمل 2: 81، لؤلؤة البحرين: 210، مقابس الأنوار: 13،
خاتمة مستدرك الوسائل: 459، بهجة الآمال 3: 217، الفوائد الرضوية:
126، الكنى والألقاب 2: 436، هداية الأحباب: 202، أعيان الشيعة
5: 396، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 270، الوافي بالوفيات 13:
85، لسان الميزان 2: 317، النجوم الزاهرة 9: 267، الأعلام
- للزركلي - 2: 227.
مقدمة التحقيق 34

تذكرة الفقهاء ونسخه المخطوطة المعتمدة:
يعد كتاب تذكرة الفقهاء - وكما أسلفنا - أكبر كتاب مؤلف في
مجال الفقه الاستدلالي المقارن، يوجد منه إلى كتاب النكاح، وأما الأجزاء
الأخرى فيعتقد البعض أن العلامة رحمه الله لم يتمها لأسباب خاصة وغير
معلومة، في حين يعتقد البعض الآخر - ونحن نوافقهم في ذلك - أن أجزاء
أخرى قد خرجت من قلمه الشريف، أو على الأقل حتى أواخر كتاب
الميراث كما تشير إلى ذلك جملة من الأدلة الواضحة، لعل أهمهما ما ذكره
ولده فخر المحققين الشيخ محمد بن الحسن الحلي في كتابه الموسوم
- بإيضاح الفوائد في شرح القوائد - حيث قال في آخر شرحه لإرث الزوج: " قد
حقق والدي هذه المسألة وأقوالها وأدلتها في كتاب التذكرة " (1).
ويعضد ذلك أن العلامة الحلي رحمه الله قد ذكر في آخر ما وصلنا من
التذكرة: تم الجزء الخامس عشر من كتاب تذكرة الفقهاء على يد مصنفها
الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهر الحلي في سادس عشر من
ذي الحجة سنة عشرين وسبعمائة بالحلة، ويتلوه الجزء السادس عشر
المقصد الثالث في باقي أحكام النكاح.
حيث يظهر من خلال هذه العبارة إن العلامة رحمه الله كان قد رتب،
أو على الأقل كان في نيته أن يتم هذا الكتاب عاجلا، هذا إذا علمنا بأنه
رحمه الله تعالى قد عاش حوالي ست سنين بعد كتابته لهذه العبارة
المذكورة، ولم يكن معهودا منه هذا الإهمال وهو القائل في أول كتابه: " قد



[1] إيضاح الفوائد 4: 242.
مقدمة التحقيق 35

عزمنا في هذا الكتاب الموسوم بتذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء،
وذكر قواعد الفقهاء على أحق الطرائق، وأوثقها برهانا، وأصدق الأقاويل
وأوضحها... وأشرنا في كل مسألة إلى الخلاف، واعتمدنا في المحاكمة
بينهم طريق الإنصاف "... الخ.
ولعل المتبادر إلى الذهن مما تقدم أن باقي الكتاب - أو على الأقل ما
احتملنا إتمامه سابقا - لم يخرج من المسودة وضاع أو تلف دون أن يصل إلى
يد النساخ، وبقي الكتاب ناقصا، أو لعل هناك أسبابا أخرى لا يعلمها إلا الله
تعالى، وقد رتب المصنف رحمه الله بحوث الكتاب على أجزاء، بالشكل
التالي:
الجزء الأول: يتضمن كتاب الطهارة.
الجزء الثاني: هو من أول كتاب الصلاة إلى آخر أفعالها.
الجزء الثالث: فيه باقي الصلوات إلى آخر كتاب الصلاة.
الجزء الرابع: ضمنه كتابي الزكاة والصوم.
الجزء السادس: يتضمن باقي كتاب الحج مع كتاب الجهاد.
الجزء السابع: أول كتاب البيع إلى بيع النقد والنسيئة.
الجزء الثامن: يشتمل على بيع النقد والنسيئة إلى آخر البيع، مع
كتاب الديون وتوابعها.
الجزء التاسع: فيه مباحث الرهن والتفليس " الحجر ".
الجزء العاشر: يتضمن مباحث الضمان والكفالة والحوالة والوكالة
والإقرار والصلح.
الجزء الحادي عشر: يشتمل على كتاب الأمانات وتوابعها: الوديعة،
العارية، الشركة، القراض، اللقطة، الجعالة.
مقدمة التحقيق 36

الجزء الثاني عشر: فيه مباحث الإجازة، والمزارعة، والمساقاة،
والسبق، والرماية.
الجزء الثالث عشر: مباحث الغصب وإحياء الموات، وكتاب العطايا:
مباحث الهبة، والصدقة والوقف.
الجزء الرابع شعر: يختص بكتاب النكاح.
ولما كان هذا الكتاب من كتب الفقه المقارن المهمة، ولما امتاز به
مؤلفه رحمه الله من باع طويل، وتمرس واسع في المباحث كتاب النكاح.
ولما كان هذا الكتاب من كتب المقارن المهمة، ولما امتاز به
مؤلفة رحمه الله من باع طويل، وتمرس واسع في المباحث الفقهية، ويحث
يعد مرجعا معتمدا عند الكثير من المراجع المختلفة، فلذا التزمت مؤسسة
آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث تحقيق هذا السفر الجليل لإخراجه
بالثوب القشيب الذي يليق به.
فقد شرعت المؤسسة بالعمل على توفير مستلزمات التحقيق، من النسخ
المخطوطة المعتبرة، وتحديد اللجان المختصة وغير ذلك، تم بتوفيق الله
تعالى قطع شوط مهم في هذا العمل المهم، تعد هذه الأجزاء ثمرة يانعة
وطيبة دالة عليه.
والنسخ المخطوطة التي تم الاعتماد عليها في ضبط نص الكتاب
هي:
1 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة،
في قم، برقم 3745، وتشتمل على بداية الكتاب إلى نهاية الزكاة، تأريخ
نسخها 720 ه‌، وهي مقروءة على المصنف، وعليها الإنهاء بخطه، وقد رمزنا
لها بالحروف " م ". 2 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى
الإسلامي برقم 1139، والمشتملة على الأجزاء الثلاثة الأول من الكتاب،
مقدمة التحقيق 37

انتهى نسخ الجزء الأول منها في أول ذي الحجة عام 868 ه‌، وانتهى نسخ
الثاني في 26 جمادى الآخرة عام 867، وانتهى نسخ الجزء الثالث في 19
رجب عام 867 ه‌، رمزنا لها بالحرف " ش ".
3 - النسخة المحفوظة في المكتبة الفيضية برقم 712، وتتضمن
الجزء الرابع والخامس من الكتاب، تأريخ نسخها عام 978 ه‌، وقد رمزنا
لها بالحرف " ف ".
4 - نسخة جامعة طهران المرقمة 6666، تأريخ نسخها في 12 رجب
912 ه‌، وتتضمن الجزءين الرابع والخامس من الكتاب، رمزنا لها بالحرف
" ط ".
5 - نسخة مكتبة شهيد زاده دادرس، والمحفوظة في مكتبة
النصيري بطهران. المتضمنة للجزءين الرابع والخامس من الكتاب، تم
نسخها في 26 ذي الحجة عام 764 ه‌، وقد رمزنا لها بالحرف " ن ".
6 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة ملك في طهران برقم
2461، والمشتملة على أفعال الحج إلى بيع النقد والنسيئة، تأريخ نسخها
الأول من شهر ربيع الأول عام 916 ه‌، وقد رمزنا لها بالحرف " ك ".
7 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة الآستانة الرضوية
المقدسة في مشهد برقم 66، والمتضمنة للجزءين السادس والسابع من
الكتاب، والتي رمزنا لها بالحرف " ق ".
8 - نسخة المكتبة الفيضية المرقعة 70، والتي تم نسخها في 989
ه‌، المتضمنة للجزء الثامن من الكتاب، وقد رمزنا لها بالحرف " ي ".
9 - نسخة مكتبة سبهسالار في طهران المرقمة 2452، والتي انتهى
نسخها في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك سنة 972 ه‌، والمتضمنة
للجزء الثامن من الكتاب، وقد رمزنا لها بالحرف " ص ".
مقدمة التحقيق 38

10 - النسخة الخطية المحفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة في
قم، والمتضمنة لأول كتاب الرهن إلى آخر كتاب الأمانات، كتب في آخرها
إنها تمت على يد المصنف في اليوم الثالث من جمادى الأولى سنة 715 ه‌
بالسلطانية، والتي رمزنا لها بالحرف " ج ".
11 - النسخة المحفوظة في مكتبة مدرسة سليمان خان في مشهد،
والمتضمنة للجزءين العاشر والحادي عشر من الكتاب، والتي تم نسخها في
صفر عام 976 ه‌، وقد رمزنا لها بالحرف " خ ".
12 - نسخة مكتبة جامعة طهران المرقمة 4 ج فهرست 289،
المتضمنة للجزء الثاني عشر من الكتاب تم نسخها في يوم الأحد الحادي
عشر من شهر رمضان عام 725 ه‌، رمزنا لها بالحرف " د ".
13 - النسخة المحفوظة في مكتبة السيد المرعشي العامة في قم برقم
1611، تم نسخها في يوم الاثنين ثامن ربيع الأول عام 905 ه‌، والمشتملة
على كتاب الإجارة إلى نهاية السكنى والعمرى والرقبى، وقد رمزنا لها
بالحرف " ع ".
14 - نسخة مكتبة المدرسة الفيضية في قم المرقمة 441 والتي تم
نسخها في 8 ربيع الآخر عام 870 ه‌، والمتضمنة للجزءين الثاني والثالث
عشر من الكتاب، وقد رمزنا لها بالحرف " ض ".
15 - النسخة المحفوظة في مكتبة مجد الدين النصيري في طهران
برقم 263، والمتضمنة لكتاب الوصايا ومباحث النكاح إلى آخر الكتاب،
وقد رمزنا لها بالحرف " ل ".
مقدمة التحقيق 39

منهجية العمل:
وتم تعيين اللجان المختصة بهذا العمل، وكانت كالتالي:
1 - لجنة المقابلة: وعملها مقابلة النسخ الخطية وتثبيت الاختلافات
الواردة بينها وإحالتها إلى اللجان المتخصصة لتثبيت ما تراه صحيحا، وكانت
مؤلفة من الإخوة الأفاضل: الحاج عز الدين عبد الملك، والأخ محمد عبد
علي محمد.
2 - لجنة التخريج: ويتحدد عملها بتخرج الأحاديث والروايات
والأقوال الواردة في الكتاب، الخاصة والعامة، وتتكون من كل من أصحاب
السماحة حجج الإسلام: الشيخ عباس الأخلاقي، والسيد هادي حمزة لو،
والشيخ محمد المرزائي، والشيخ محمد الرسولي، والشيخ شاكر آل
عبد الرسول السماوي.
3 - لجنة المراجعة: وعملها التأكد من أعمال اللجان السابقة
وتصحيح موارد الاشتباه المحتملة، وضبط الأعمال لإحالتها إلى المرحلة
اللاحقة، وتكونت من أصحاب السماحة حجج الإسلام: الشيخ جعفر
الجاهدي، الشيخ محمد الكاظمي، والشيخ عطاء الله الرسولي: والشيخ
عبد الله محمدي.
4 - لجنة تقوم النص: ويتحدد عمل هذه اللجنة بملاحظة متن
الكتاب، واختيار النصوص الصحيحة ليتم تثبيتها، وتفسير المفردات
اللغوية، والتعليق على الموارد المبهمة وإيضاحها وغير ذلك من الأعمال
النهائية، وكانت مسؤولية عمل هذه اللجنة على عاتق سماحة حجة الإسلام
المحقق الشيخ محمد الباقري.
مقدمة التحقيق 40

5 - لجنة المراجعة النهائية: ويكون عملها ملاحظة الكتاب بكل أبعاده
قبل إرساله إلى الطبع، والتأكيد من صحة أعمال جميع لجانه السابقة.
وقد أنيطت مسؤولية هذه اللجنة بسماحة العلامة حجة الإسلام السيد
علي الخراساني الكاظمي.
هكذا فإن ما تم من تحقيق علمي لأجزاء هذا الكتاب المهم قد
أوضح للعاملين في هده اللجان جملة مهمة من الملاحظات الدقيقة حول
نمط إعداد هذا الكتاب لعل أهمها اعتماد المؤلف رحمه الله في شرح الكثير
من المباحث الفقهية على جملة من المراجع المختلفة والمحددة أمثال كتاب
فتح العزيز الرافعي، والمغني والشرح الكبير لابني قدامة، والمجموع
للنووي، كما هو دأب العلماء سابقا، وعليه توافقوا تعارفوا.
كما أنه كثيرا ما كان ينقل العديد من الآراء الفقهية الخاصة من كتابي
الخلاف الشيخ الطائفة الطوسي، والمعتبر لخاله المحقق الحلي رحمهما الله
تعالى.
وأخيرا أخي القارئ الكريم فإنا نقدم هذا الكتاب الجليل بعد جهود
متواصلة امتدت لسنين طوال: عمدنا فيها قدر الإمكان إلى إعداده وتقديمه
بالصورة اللائقة به وبتراثنا العزيز، سائلين المولى عز وجل التوفيق لتقديم
الأعمال التحقيقية الأخرى، إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله
رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث
مقدمة التحقيق 41

1 - صورة الصفحة الأولى من النسخة " ش ".
صور النسخ المخطوطة 42

صورة الصفحة الأولى من النسخة " ط ".
صور النسخ المخطوطة 43

8 - صورة الصفحة الأخيرة من النسخة " ن ".
صور النسخ المخطوطة 44

3 - صورة الصفحة الأولى من النسخة " س ".
صور النسخ المخطوطة 45

5 - صورة الصفحة الأولى من النسخة " د ".
صور النسخ المخطوطة 46

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة " د ".
صور النسخ المخطوطة 47

6 - صورة الصفحة الأخيرة من النسخة " ض ".
صور النسخ المخطوطة 48



اسم الکتاب : تذكرة الفقهاء المؤلف : العلامة الحلي    الجزء : 1  صفحة : 0
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست