هذا الحيث البنائي المقصود، كان ان التعريف
ب" مبادلة مال بمال" ناظر إلى المفهوم المنتزع من فعل المتبايعين و
عقدهم كما تقدم، و ان التعريف ب" العقد بينهما" ناظر إلى سبب تحقق هذا
الموضوع البنائي عند العرف و الشرع بناء على اعتبار الصيغة.
و بما ذكرناه ظهر أن اختلافهم في التعبير و التعريف انما هو لأجل
الاختلاف في النظر و اللحاظ، كما علم أن حقيقة البيع هو بناء كل من المتبايعين على
إيجاد علقة الملكية بالنسبة إلى ماله للآخر.
تعريف البيع في الكتب الفقهية
هذا، و لقد اختلفت كلمات الأصحاب في تعريف" البيع":
ففي المبسوط" انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدر على
وجه التراضي"، و في النافع" الإيجاب و القبول اللذان تنتقل بهما العين
المملوكة من مالك إلى غيره بعوض مقدر"، و في جامع المقاصد" و الأقرب أن
البيع هو نقل الملك من مالك إلى آخر بصيغة مخصوصة"، و في المستند" نقل
الملك بعوض من مالك إلى آخر بعقد مخصوص".
أما الشيخ" قده" فقد عرفه بعد مناقشة تلك الكلمات بقوله" فالأولى تعريفه بأنه إنشاء تمليك عين بمال".
و الظاهر أن المراد من" البيع" في قوله تعالى" أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ" هو
المعاملة المتداولة بين الناس، لا خصوص ما يصدر من البائع أو المشتري. و هذا البيع
بهذا المعنى يتحقق من اجرائهما العقد المخصوص،