التفويض له معان كثيرة (مع غضّ النظر عن حكمها)، أحدها: تفويض أمر الخلق إلى
النبي (صلى الله عليه و آله) أو الأوصياء من بعده بأن يقال: إن الله خلقهم ثمّ
فوّض أمر خلق العالم و تدبيره إليهم.
ثانيها: التفويض الجزئي في أمر الخلق بأن يقال: إن الله أقدرهم على خلق بعض
الأمور من المعجزات و شبهها من دون تفويض الكلّ إليهم.
ثالثها: تفويض أمر التشريع إليهم على نحو كلّي، بأن يكون النبي (صلى الله عليه
و آله) و أوصياؤه قادرين على جعل أي حكم، و على تغيير الأحكام التي أنزلهما في
كتابه و نسخها و تبديلها و تغييرها بما شاءوا و أرادوا.
رابعها: التشريع الجزئي بأن يقال: لم يفوض إليه (صلى الله عليه و آله) التشريع
الكلّي بل في موارد معدودة، بأن يكون النبي (صلى الله عليه و آله) قد شرّع أحكاماً
خاصّة في بعض الموارد قبل ورود نصّ فيها، و أمضاها الله تعالى.
خامسها: تفويض أمر الخلق إليهم من جهة الحكومة و التدبير و السياسة و تربية
النفوس و حفظ النظام.
سادسها: تفويض أمر العطاء و المنع إليهم، في المواهب المالية ممّا يرجع إلى
بيت المال، و غيره، كما ورد في قضية سليمان (عليه السلام) (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ)[1] و قد ذكره الله
تعالى بعد ما ذكر ما أعطاه من النعم في أمر الحكومة على الناس.
سابعها: تفويض بيان الحقائق و أسرار الأحكام و ما أشبهها من العلوم إليهم
فيقولون ما شاءوا (و اقتضته الحكمة) و يمسكون عمّا شاءوا في الظروف الخاصّة و
بالنسبة إلى الأشخاص المتفاوتة.