و من إنصاف هذا السلطان و حبّه للواقع جمع علماء المسلمين للمباحثة فيما بينهم ليختار المذهب الصحيح، و بعد المناظرات الطويلة اختار مذهب الإمامية بفضل العلّامة الحلّي، كما سيأتي مفصّلًا.
و بعد ما استبصر هذا السلطان لم يرض بمفارقة العلّامة، بل طلب منه أن يكون دائماً معه، و أسّس له المدرسة السيارة ليكون هو و تلاميذه دائماً معه.
و من حسن سيرة هذا السلطان و إنصافه أنّه بعد ما استبصر و عرف الحقّ لم يهمل بقية العلماء من فرق المسلمين، بل أبقى لهم منزلتهم و احترامهم، لحبّه للعلم و العلماء، و أمر قسماً كبيراً من مبرزيهم بالحضور معه في المدرسة السيارة.
نعم في عصر العلّامة أرجعت الحلّة وريثة بابل مكانتها العلمية، فصارت محوراً رئيسياً للعلم و العلماء، و مراكزاً للشيعة، و منها كانت تستقي المدرسة السيارة، و ازدهر العلم في زمنه، و كثر العلماء في شتى العلوم، حتى نقل المولى الأفندي أنه كان في عصره في الحلّة 440 مجتهد [2]، و هذا و إن لم يرتضه سيد الأعيان [3] إلّا أن الشيخ آقا بزرك قال في طبقاته- الحقائق الراهنة في المائة الثامنة-:. و أمّا تلاميذه فكثير ممّن ترجمته في هذه المائة كانوا من تلاميذه و المجازين منه أو المعاصرين المستفيدين من علومه، فليرجع إلى تلك التراجم حتى يحصل الجزم بصدق ما قيل من أنه كان في عصره في الحلّة 400 مجتهد [4].
[1] انظر: تاريخ الحافظ الابرو- المعاصر للسلطان- كما عنه في مجالس المؤمنين 2- 360، و منتخب التواريخ للنطنزي كما عنه في اللئالى المنتظمة: 70، و روضات الجنات 2- 282، و غيرها.