اسم الکتاب : الهداية في الأصول و الفروع المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 151
العابث، و العبث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) منفي، فنرجع إلى ما يحتمله لفظة المولى في اللغة: يحتمل أن يكون المولى مالك الرق كما يملك المولى عبيده و له أن يبيعه و يهبه؛ و يحتمل أن يكون المولى المعتق من الرق؛ و يحتمل أن يكون المولى المعتق و هذه الأوجه الثلاثة مشهورة عند الخاصة و العامة فهي ساقطة في قول النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لأنه لا يجوز أن يكون عنى بقوله: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» واحدة منها لأنه لا يملك بيع المسلمين و لا عتقهم من رق العبودية و لا أعتقوه (عليه السلام) و يحتمل أيضا أن يكون المولى ابن العم، قال الشاعر:
مهلا بني عمنا مهلا موالينا * * * لم تظهرون لنا ما كان مدفونا
و يحتمل أن يكون المولى العاقبة، قال الله عز و جل مَأْواكُمُ النّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ[1] أي عاقبتكم و ما يؤول بكم الحال إليه؛ و يحتمل أن يكون المولى لما يلي الشيء مثل خلفه و قدامه، قال الشاعر:
فغدت، كلا الفرجين تحسب أنه * * * مولى المخافة خلفها و أمامها
و لم نجد أيضا شيئا من هذه الأوجه يجوز أن يكون النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) عناه بقوله:
«فمن كنت مولاه فعلي مولاه» لأنه لا يجوز أن يقول: من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه لأن ذلك معروف معلوم و تكريره على المسلمين عبث بلا فائدة. و ليس يجوز أن يعني به عاقبة أمرهم و لا خلف و لا قدام لأنه لا معنى له و لا فائدة. و وجدنا اللغة تجيز أن يقول الرجل: «فلان مولاي» إذا كان مالك طاعته، فكان هذا هو المعنى الذي عناه النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بقوله: «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» لأن الأقسام التي تحتملها اللغة لم يجز أن يعنيها بما بيناه و لم يبق قسم غير هذا فوجب أن يكون هو الذي عناه بقوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» و مما يؤكد ذلك قوله (صلى الله عليه و آله و سلم):