اسم الکتاب : الهداية في الأصول و الفروع المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 143
و ليس ارتدادهم في ذلك بأعجب من ارتداد بني إسرائيل حين أراد موسى (عليه السلام) أن يذهب إلى ميقات ربه، فاستخلف أخاه هارون، و وعد قومه بأن يعود بعد ثلاثين ليلة فأتمها الله بعشر فلم يصبر قومه إلى أن خرج فيهم السامري و صنع لهم عجلا، و قال هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى[1] و استضعفوا هارون خليفته و أطاعوا السامري في عبادة العجل، فرجع موسى إليهم و قال بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي[2].
و إذا جاز على بني إسرائيل و هم أمة نبي من أولي العزم أن يرتدوا بغيبة موسى (عليه السلام) بزيادة أيام حتى خالفوا وصيه، و فعل سامري هذه الأمة مما هو دون عبادة العجل، و كيف لا يكون علي معذورا في تركه قتال سامري هذه الأمة؟
و إنما علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، فاستحسن الملك كلامه.
فقال الشيخ: أيها الملك زعم القائلون بإمامة سامري هذه الأمة: أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لا يستخلف، و استخلفوا رجلا و أقاموه، فإن كان ما فعله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) على زعمهم من ترك الاستخلاف حقا، فالذي أتته الأمة من الاستخلاف باطل، و إن كان الذي أتته الأمة صوابا، فالذي فعله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) خطأ بمن يلصق الخطأ بهم أم به؟
فقال الملك: بل بهم. [فقال الرجل ظ] [3] و كيف يجوز أن يخرج النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) من الدنيا و لا يوصي بأمر الأمة؟ و نحن لا نرضى من أكار في قرية إذا مات و خلف مسحاة و فأسا لا يوصي بهما إلى من بعده؟ فاستحسنه الملك.
فقال الشيخ: و هنا كلمة أخرى: زعموا أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يستخلف فخالفوه باستخلافهم، لأن الأول استخلف الثاني، ثم لم يقتد الثاني به و لا بالنبي (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى جعل الأمر شورى في قوم معدودين، و أي بيان أوضح من هذا؟.» [4].