وكل جناية لها في الحر أرش مقدر من ديته ، لها من العبد مقدر من قيمته ، ففي أنف الحر ولسانه وذكره ، ديته. وفي كل واحد منها في العبد ، قيمته. في يده نصف قيمته ، وفي إصبعه عشر قيمته ، وفي موضحته نصف عشر قيمته. فاذا كان كذلك ، وكان قدر الجناية في العبد قيمته ، مثل الأنف ، واللسان ، والذكر ، واليدين ، والرجلين ، وجب ذلك على الجاني ويسلم العبد.
وإذا قتل حر عبدا ، وجبت قيمته في ذمته، وكذلك ان قطع [١] أو قتله عمد الخطاء فان قتله خطأ محضا. فالقيمة على عاقلته. وكذلك في أطرافه.
وإذا كان إنسان على جانب حائطه أو خافة نهر، أو شفير بئر ، فصاح به غيره صحيحة شديدة ، فسقط فمات ، فان كان رجلا عاقلا لم يكن على الصائح شيء ، لأنه ما سقط من صيحته ، وانما وافق وقوعه صيحته. وان كان الذي سقط صبيا أو مجنونا ، كان على الصائح الدية والكفارة ، لأن مثل هذا يسقط من الصيحة الشديدة والدية على عاقلته. وكذلك لو كان جالسا في غفلة واغتفله الصائح ، فصاح به مفزعا له ، فسقط فمات ، كانت الدية على عاقلته ، والكفارة في ماله.
وإذا شهر رجل سيفه ، وطلب رجلا، ففر المطلوب من بين يديه ، والقى نفسه في نار أو بئر ، أو من سطح ، أو جبل ، فمات ، لم يكن على طالبه ضمان لأنه إنما ألجأه إلى الهرب ، ولم يلجئه إلى الوقوع ، بل المطلوب القى نفسه باختياره في مهلكة ، فالطالب صاحب سبب ، والواقع مباشر ، وإذا اجتمعت مباشرة مع سبب غير ملجىء ، لم يكن على صاحب السبب ـ مثل الدافع ، والحافر ـ فان الضمان على الدافع وليس على الحافر ضمان. فان كان المطلوب أعمى ، فوقع كذلك ، كان ضمانه على الطالب ، لأنه سبب ملجىء ، فإن الأعمى لم يعلم ذلك ، ولا أراد ان يلقى نفسه في مهلكة ، والسبب إذا كان ملجئا ، كان الضمان على صاحب السبب.