وإذا رهن إنسان شيئا ، ثم خرس، فان كان يحسن الإشارة أو الكتابة فأشار ، أو كتب بالإذن في القبض ، كان جائزا ، وقام ذلك منه مقام الكلام ، وان كان لا يحسن الكتابة ، ولا يعقل الإشارة ، لم يجز للمرتهن قبض الرهن ، لأنه يفتقر الى رضاه وكان على وليه تسليمه إليه لأنه بالعقد قد وجب ذلك الرهن.
وإذا قبض المرتهن الرهن بإذن صاحبه، فقد لزم بغير خلاف [١] ولم يجز للراهن فسخه ، لما قدمناه من أنه وثيقة المرتهن على الراهن فلا يجوز له إسقاطه ويجوز للمرتهن إسقاطه وفسخ الرهن لأنه حقه ، ولا حق للراهن فيه ، فاذا كان كذلك وأسقطه أو فسخه بان يقول : « فسخت الرهن ، أو أبطلته ، أو أقلته فيه ، أو ما جرى مجرى ذلك » كان جائزا ، فإن أبرأه من الدين ، أو افترقا [٢] سقط الدين وبطل الرهن ، لأنه يتبع الدين فاذا سقط الدين سقط الرهن.
فإن أبرأه من بعض الدين ، أو قضاه بعضه ، لم ينفك الرهن ، فكان باقيا بحاله الى ان لا يبقى من الدين شيء ، لأنه وثيقة المرتهن على جميع ماله من الدين [٣] الى ان لا يبقى منه قليل ولا كثير.
عطفا على ما قبله ، فحاصله ان الجنون والإغماء أيضا لا يوجب منع المرتهن عن القبض إذا اذن له فيه لثبوت حقه بذلك ، فلا ينافي هذا ما يأتي في مسئلة الخرس ، ثم انه يمكن ان يقال إذا وجب الإقباض على الراهن ، فإنما هو الحق المرتهن فلا وجه لاشتراط قبضه باذنه ولذا أورد في المختلف على الشيخ بان ما ذكره في مسألة الخرس مناف لما ذكر قبله. [١]الظاهر ان مراده ان اللزوم بعد القبض إجماعي ، فلا ينافيه ما تقدم من اللزوم قبله أيضا على مختاره ، كما يظهر ذلك من المبسوط. [٢]لعل الصواب « وافترقا » كما في نسخة ( ب ) فلعل بناء المصنف على اشتراط الافتراق في لزوم الإبراء كما في البيع ، ويحتمل ان يكون « أو اقتضاه » أو نحو ذلك ، ويؤيده العبارة التالية وانه في المبسوط « أو استوفاه ». [٣]فيه ان الظاهر انه وثيقة عليه بنحو المقابلة كالمعاوضة ، فإذا سقط بعضه ينفك من الرهن بنسبته.