وربما يستدل على الاطلاق بموثقة أبي العباس [1] عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل فقال : والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها الشجر وشبهه ، ( وفيه ) أنها نقل قضية خارجية لم يتضح أن التماثيل التي يعملون له هي المجسمات أو غيرها ، ولا معنى لاطلاق قضية شخصية ، مضافا إلى أن التماثيل المذكورة على ما يظهر من مجمع البيان هي المجسمات المعمولة من نحاس وشبه ورخام ونحوها ، مع أن انكار أبي عبد الله عليه السلام لا يدل على كونها محرمة على سليمان النبي عليه السلام بل لعلها كانت مكروهة عليه كراهة شديدة لا يليق ارتكابها بمثل النبي ، فالتمسك بها لاثبات المطلوب ضعيف جدا . وأما رواية عبد الله بن طلحة [2] عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : من أكل السحت سبعة إلى أن قال : والذين يصورون التماثيل ، فمضافا إلى ضعفها ، لا اطلاق فيها لأنها في مقام العدو لا اطلاق فيها في المعدود كما مر نظيره ، مع أن كون السحت راجعا إلى بيعها أو عملها غير متضح ، كما أن سحتية أجر العمل لا تلازم حرمته لامكان أن يكون عدم التقابل بالمال لجهة أخرى ( تأمل ) وليست الرواية عندي حتى أرى تتمتها وكيف كان لا يصلح مثلها لاثبات حكم كما لا تصلح لذلك رواية الخصال [3] عن أمير المؤمنين عليه السلام إياكم وعمل الصور فإنكم تسئلون عنها يوم القيامة لضعف سندها بل لا يبعد ظهور قوله : عمل الصور في عمل المجسمة وانصرافه عن ترسيمها ونقشها . فتحصل من جميع ذلك عدم قيام دليل صالح لاثبات حرمة غير المجسمات من ذوات الأرواح ، بل لقائل أن يقول : إن الأدلة على فرض اطلاقها وعمومها و شمول مثل قوله : من مثل مثالا فكذا ، ومن صور صورة فكذا ، تماثيل جميع
[1] الوسائل - كتاب التجارة - الباب 94 - من أبواب ما يكتسب به . [2] المستدرك - كتاب التجارة - الباب 75 - من أبواب ما يكتسب به - ضعيفة بعبد الله بن طلحة . [3] المستدرك - كتاب التجارة - الباب 75 - من أبواب ما يكتسب به