ومنها : صحيحة منصور بن حازم "قال : إذا صليت عند الشجرة فلا تلب حتى تأتي البيداء حيث يقول النّاس يخسف بالجيش" [1] .
ومنها : صحيحة ابن سنان "إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يكن يلبي حتى يأتي
البيداء"[2].
ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار "قال : صل المكتوبة ثمّ أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أوّل البيداء ، إلى أوّل ميل عن يسارك ، فإذا استوت بك الأرض راكباً كنت أو ماشياً فلب ... " [3] ، ونحوها غيرها .
ولكن أدلّة المواقيت وعدم التجاوز عنها إلاّ محرماً تنافي هذه الأخبار ، وأنه كيف يمكن القول بجواز تأخير التلبية مع أن الإحرام يحصل بالتلبية ، بل حتى على القول بتتميم الإحرام بها ، ولذا ذهب جماعة إلى أن التأخير إنّما هو بالنسبة إلى التلبيات المستحبة وحملوا الروايات الآمرة بالتأخير على ذلك ، وأمّا بالنسبة إلى التلبيات الواجبة فاللاّزم إتيانها من نفس مسجد الشجرة ، وبذلك دفعوا التنافي بين الروايات وهذا الحمل بعيد ولا يساعده المتفاهم من الروايات ، فإن بعضها صريح في تأخير التلبية الواجبة ، بل قد ورد النهي في بعضها عن التلبية والإحرام بها في المسجد .
وأبعد من ذلك حمل الروايات على تأخير الاجهار بها إلى البيداء لا نفس التلبيات ، وذلك لعدم ذكر تأخير الجهر بها إلى البيداء في شيء من الروايات ، بل صرّح في بعض الروايات بالجهر بالتلبية من نفس المسجد [4] .
والظاهر من الروايات تأخير نفس التلبية الموجبة للإحرام لا الاجهار بها ، ولا مناص إلاّ من الأخذ بهذه الروايات الصحيحة الدالّة على جواز تأخيرها إلى البيداء وحينئذ فلا بدّ لنا من علاج منافاتها لأدلّة المواقيت . والجواب عن ذلك : أن أدلّة المواقيت الناهية عن التجاوز عن الميقات بلا إحرام
ــــــــــــــــــــــــــــ