نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن وإن لم يتوقف انعقاد إحرامه عليها فهي واجبة عليه في نفسها ([1]) ، ويستحب الجمع بين التلبية وأحد الأمرين وبأيهما بدأ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدنة ، فكيف أصنع بها ؟ فقال : انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبك ، ثمّ أنخها مستقبل القبلة ، ثمّ ادخل المسجد فصلّ ثمّ افرض بعد صلاتك ، ثمّ اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ، ثمّ قل : بسم الله اللّهمّ منك ولك اللّهمّ تقبل منّي ، ثمّ انطلق حتى تأتي البيداء فلبّه" [2] فإن المفروض في مورد الرواية تحقق الإحرام بالاشعار ، فيكون الأمر بالتلبية ظاهراً في الوجوب النفسي .
والجواب عنه : أمّا عن الأوّل فبأنه لا يمكن التمسك بالاطلاقات ، فإن الأخبار الآمرة بالتلبية كلّها في مقام بيان تحقق الإحرام بذلك وأنه أحد الثلاثة ، فإذا أشعر أو قلّد فقد حصل الإحرام منه ، ومعه لا يبقى مجال وموضوع للتلبية .
وأمّا عن الثاني : وهو موثقة يونس ، فالظاهر من الأمر بالتلبية في مورد الاشعار والإحرام به هو وجوب التلبية وجوباً نفسيا .
ودعوى أنه مشتملة على جملة من المستحبات وذلك يوجب عدم ظهور الأمر في الوجوب ، ضعيفة لما ذكرنا غير مرّة أن مجرد اشتمال الرواية على المستحبات لا يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب ، إلاّ إذا قامت القرينة على عدم إرادة الوجوب ، فالموثقة لا قصور في دلالتها على الوجوب .
ولكن مع ذلك لا يمكن الاستدلال بها للوجوب ، لأنّ الموثقة لو كانت على النحو الذي ذكرناها ورواها الكليني [3] فالأمر كما ذكرنا ، إلاّ أن الصدوق [4] رواها أيضاً بطريقه الصحيح بزيادة توجب كون الموثقة أجنبيّة عن المقام بالمرّة ، ولم يذكر الكليني هذه الزيادة ، فقد روى الصدوق باسناده عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب ، قال :
ــــــــــــــــــــــــــــ