بصحّته ، ولا فرق بين المقامين سوى كون النسيان مسبوقاً بالعلم وإلاّ فالواقع متعيّن في الموردين ، غاية الأمر لا يتمكن من التمييز فتكفي الاشارة الاجمالية ، بل حتى إذا كان متمكناً من التمييز لا يلزم التفصيل في النيّة وتكفي الاشارة الاجمالية ، فيجوز له أن يحرم لما يعيّنه الله واقعاً فيما بعد ، والمقام أولى بالصحّة لأنه متعيّن في غير علم الله أيضاً ، لأنّ الشخص الذي أحرم أوّلاً يعلم قصده ، غاية الأمر من أحرم كإحرامه لا يدري بما قصده ، فالمقام نظير ما إذا نوى طبقاً لما كتبه في القرطاس الذي نساه ولا يتمكّن من الرجوع إلى القرطاس .
وأمّا الأوّل : وهو الذي يعلمه بعد ذلك وينكشف له كيفية إحرام ذلك الشخص فالظاهر أيضاً أنه لا مانع من الحكم بالصحّة ، لأنّ التعيين الاجمالي حاصل ، ولا دليل على اعتبار الأزيد من ذلك ، بل هذه الصورة أولى بالصحّة من الإحرام لما يعيّن الله فيما بعد ، الذي قلنا بجواز ذلك وإن لم ينكشف عنده ، والمفروض في المقام حصول الانكشاف لديه أيضاً .
وقد يتمسك للصحّة في هذه الصورة بفعل علي (عليه السلام) حينما قدم من اليمن محرماً بالحج وسأله النبي (صلّى الله عليه وآله) "وأنت يا علي بما أهللت ؟ قال (عليه السلام) : إهلالاً كإهلال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كن على إحرامك مثلي [1] " كما في صحيحة معاوية بن عمّار ، وفي صحيحة الحلبي "فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا علي بأي أهللت ؟ فقال : أهللت بما أهلّ النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقال : لا تحل أنت ، فأشركه في الهدي" [2] فقد ذكروا أن معنى ذلك أني نويت الإحرام بما أحرمت به أنت يا رسول الله كائناً ما كان ، فكأنه (عليه السلام) لم يعيّن إهلاله حجاً أو عمرة وإنما نوى إهلالاً كإهلال النبي (صلّى الله عليه وآله) فأقره النبي (صلّى الله عليه وآله) على ذلك فقال له : لا تحل أنت وكن على إحرامك .
ــــــــــــــــــــــــــــ