ومع العذر عنه التيمّم [1] ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصحاب بالاستحباب وتسالمهم عليه ، ولو كان واجباً لكان من جملة الواضحات لكثرة الابتلاء به في كل سنة لكثير من المسلمين ، وكيف يخفى الوجوب عليهم ، ولم ينقل القول بالوجوب إلاّ من ابن أبي عقيل [1] وابن الجنيد [2] ولا يعبأ بخلافهما ، لقيام السيرة القطعية المستمرّة بين المسلمين على الخلاف، فلا ينبغي الشك في عدم الوجوب.
هذا مع إمكان حمل الواجب في موثق سماعة على معناه اللّغوي وهو الثابت ، وقد تقدّم الكلام مفصّلاً في باب الاغسال المسنونة من كتاب الطّهارة [3] ، وذكرنا هناك وجهاً آخر لعدم إمكان القول بالوجوب أصلاً لا النفسي ولا الغيري . [1] هل يقوم التيمم مقام الغسل مع العذر عنه أم لا ؟ قولان ، والصحيح هو الأوّل كما هو الحال في جميع الأغسال المستحبة ، لإطلاق ما دلّ على بدلية التراب عن الماء [4] في الطّهورية ، فكل مورد ثبت كون الغسل مشروعاً وطهوراً وتعذّر منه يقوم التيمّم مقامه ، ولا حاجة إلى نص خاص .
وتوقف بعضهم في ذلك لعدم النص الخاص ، ولأنّ الغرض من الغسل تنظيف البدن وإزالة الأوساخ عنه ، ولا يترتّب ذلك على التيمم . ولكن يضعف ذلك ، لأنّ الغسل عبادة مستقلّة في نفسها وهو طهور ، وقد اُطلق الطهور على التيمّم أيضاً وأنّ التيمّم أحد الطّهورين ، وذلك يكفي في قيام التيمّم مقام الغسل . نعم ، إجزاء الغسل عن الوضوء يختص بالمبدل عنه وهو الغسل ، ولا يجري في البدل أي التيمّم ، لقصور دليل البدلية عن إثبات ذلك حتى في التيمم بدل الأغسال الواجبة غير الجنابة ، فلو تيمّم عن غسل المس مثلاً عليه أن يتوضّأ وإن كان نفس الغسل مجزئاً عن الوضوء .
ــــــــــــــــــــــــــــ [1] المختلف 4 : 76 المسألة 37 .