قال (عليه السلام) : "فإن هو أحب أن يتمتّع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يجاوز عُسفان فيدخل متمتعاً بالعمرة إلى الحج ، فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها" [1] .
والمتفاهم منه جواز الإحرام من أي ميقات شاء ، لعدم خصوصية لذات عِرق أو عُسفان ، فإنّ المستفاد منه بحسب الفهم العرفي جواز الخرج إلى ميقات من المواقيت وإن لم يكن ميقات بلده وأهله ، والرواية قد اشتملت على التجاوز عن ذات عرق[2] والتجاوز عن عُسفان ولم يعلم لنا إلى الآن أن عُسفان واقع في أي مكان وبأي مقدار يبعد عن مكّة ، وكيف يحرم منه مع أنه ليس من حدود الحرم ولا من المواقيت ، ولكن ذلك غير ضائر في دلالة الرواية على التخيير . وقد روي أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اعتمر ثلاث عمر أحدها من عُسفان [3] .
وأمّا القول الآخر وهو الإحرام من أدنى الحل فتدل عليه جملة من الأخبار أهمّها صحيح الحلبي ، قال : "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) لأهل مكّة أن يتمتّعوا ؟ قال (عليه السلام) : لا، ليس لأهل مكّة أن يتمتعوا ، قلت : فالقاطنون بها ؟ قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكّة ، فإذا أقاموا فإنّ لهم أن يتمتّعوا ، قلت : من أين ؟ قال : يخرجون من الحرم ، قلت : من أين يهلون بالحج ؟ فقال : من مكّة نحواً ممّا يقول النّاس" [4] .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[2] ذات عرق : مُهَلّ أهل العراق وهو الحد بين نجد وتهامة . وقيل : عرق جبل بطريق مكّة ومنه ذات عرق . عسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكّة ، وقيل : عسفان بين المسجدين وهي من مكّة على مرحلتين ، وقيل : قرية بها نخيل ومزارع على ستّة وثلاثين ميلاً من مكّة وهي حد تهامة ، وقد غزا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بني لحيان بعسفان . الجعرانة : مكان فيه ماء بين الطائف ومكّة ، وهي إلى مكّة أقرب ، نزلها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند رجوعه من غزاة حنين وأحرم منها . معجم البلدان 4 : 107 .