حكم بعد الإستقرار لا حكم السنة الاُولى ، فمورد الصحيحين أجنبي عن محل الكلام .
ومنها : رواية أبي بصير قال "قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : قول الله عزّ وجلّ : (ولله على الناس حجّ البيت ... ) قال : يخرج ويمشي إن لم يكن عنده ، قلت لا يقدر على المشي ، قال : يمشي ويركب ، قلت : لا يقدر على ذلك أعني المشي ، قال : يخدم القوم ويخرج معهم"[1] ولا يخفى أن مدلول هذه الرواية مقطوع البطلان ، إذ لم يلتزم أحد ـ حتى القائل بكفاية القدرة على المشي ـ بلزوم الخدمة في الطريق ، مضافاً إلى ضعف السند بعلي بن أبي حمزة البطائني .
ومنها : صحيحة معاوية بن عمار ، وهي العمدة في المقام قال : "سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل عليه دين أعليه أن يحجّ ؟ قال : نعم ، إن حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ، ولقد كان (أكثر) من حجّ مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مشاة ، ولقد مرّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بكراع الغميم [2] فشكوا إليه الجهد والعناء ، فقال : شدوا اُزرَكم واستبطنوا ، ففعلوا ذلك فذهب عنهم" [3] ، فإنه (عليه السلام) حكم بوجوب الحجّ على من عليه الدّين ، لأن الحجّ واجب على كل من أطاق المشي ، والمراد من "أطاق" إعمال غاية الجهد والعناء ، كما هو المراد في قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )[4] أي على الذين يتحملون الصوم بجهد وحرج شديد ، كالشيخ والشيخة ، فانّ الطاقة وإن كانت بمعنى القدرة ولكن المراد من أطاق أو يطيق ، الذي هو من باب الإفعال ، إعمال الطاقة والقدرة وبذل آخر مرتبة القدرة ، ولكن لا ريب في عدم وجوب الحجّ في هذا المورد قطعاً ، ولم يلتزم أحد بوجوبه .
والظاهر أن المراد بالطاقة في الرواية القدرة على المشي في داره وبلده ، في مقابل
ــــــــــــــــــــــــــــ