القيامة ، ولا تدل الآيات على أنّ ترك الصلاة موجب للكفر ، بل الكفر وتكذيب يوم القيامة منشأ لترك الصلاة وعدم أداء الزكاة ، فلا تدل الآية على أن منكر الحجّ كافر . مضافاً إلى أنه فسّر الكفر بالترك في صحيح معاوية بن عمار "وعن قول الله عزّ وجلّ (ومن كفر) ، يعني من ترك"[1] على أنه يمكن أن يقال : إنّ المراد بالكفر في المقام الكفران المقابل للشكر ، فإن الكفر له إطلاقان :
أحدهما : الكفر المقابل للإيمان .
ثانيهما : الكفران مقابل شكر النعمة ، ولا يبعد أن يكون المراد به هنا هو الكفران وترك الشكر بترك طاعته تعالى كما في قوله سبحانه (إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً)[2] يعني إمّا أن يشكر ويهتدي بالسبيل ، ويعمل على طبق وظائفه الشرعية ، وإمّا أن يكفر بالنعمة ولا يهتدي السبيل ولا يعمل على طبق وظائفه ولا يشكر ما أنعم الله عليه .
وقد يستدلّ على كفر منكر الحجّ بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر في حديث قال "قلت : فمن لم يحج منّا فقد كفر ؟ قال : لا ، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر"[3] ، بدعوى : أنّ قوله "ليس هذا هكذا" راجع إلى إنكار الحجّ ، يعني مَن أنكر الحجّ وقال بأنّ الحجّ ليس بواجب فقد كفر .
وفيه : أن الظاهر من ذلك رجوعه إلى إنكار القرآن وأن هذه الآية ليست من القرآن وأن القرآن ليس هكذا ، فإنه (عليه السلام) استشهد أوّلاً بقول الله عزّ وجلّ (وللهِِ على النّاس حجّ البيت) ثمّ سأل السائل فمن لم يحج منّا فقد كفر ، قال (عليه السلام) : "لا ، ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر" فالإنكار راجع إلى إنكار القرآن وتكذيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
وبالجملة : لم يظهر من شيء من الأدلة كفر منكر الحجّ بحيث يترتب عليه أحكام
ــــــــــــــــــــــــــــ