اسم الکتاب : المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 4 صفحة : 272
و الثالث قيل: إن الصداق كان للأولياء في شرع من كان قبلنا. بدلالة قول شعيب حين زوج موسى بنته «عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ»[1] و لم يقل تأجر بنتي، فكان معنى نحلة: أن الله أعطاهن هذا في شرعنا نحلة.
فإذا ثبت هذا فالمستحب أن لا يعرى نكاح عن ذكر مهر
، لأنه إذا عقد مطلقا ضارع الموهوبة، و ذلك يختص النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)، فلذلك يستحب ذكره، و لئلا يرى الجاهل فيظن أنه يعرى عن المهر، و لأن فيه قطعا لمواد المشاجرة و الخصومة.
و متى ترك ذكر المهر و عقد النكاح بغير ذلك فالنكاح صحيح إجماعا لقوله تعالى «لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً»[2] و معناه «و لم تفرضوا لهن فريضة» بدلالة قوله «وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ» و لا متعة لمن طلقها قبل الدخول إلا التي لم يسم لها مهرا.
إذا عقد النكاح بمهر فاسد
مثل الخمر و الخنزير و الميتة كان العقد صحيحا و وجب لها مهر المثل، و قال قوم لا يصح النكاح، و إليه ذهب قوم من أصحابنا.
الصداق عندنا غير مقدر فكل ما صح أن يكون ثمنا لمبيع أو أجرة لمكترى صح أن يكون صداقا عندنا قليلا كان أو كثيرا، و فيه خلاف، و الكثير أيضا لا حد له عندنا لقوله تعالى «وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً»[3] و قيل إن القنطار سبعون ألفا، و قال قوم مائة رطل، و قال قوم هو ملء مسك ثور ذهبا، و هو إجماع لقصة عمر مع المرأة التي حجته فقال: كل أحد أفقه من عمر حتى النساء أفقه من عمر.
و روى أن عمر تزوج أم كلثوم بنت على (عليه السلام) فأصدقها أربعين ألف درهم و أنس بن مالك تزوج امرأة على عشرة ألف، و كان ابن عمر زوج بنات أخيه عبيد الله كل واحدة على عشرة ألف و تزوج الحسن بن على (عليهما السلام) امرأة فأصدقها مائة جارية مع كل جارية ألف درهم، و تزوج مصعب بن الزبير عائشة بنت طلحة فأصدقها مائة ألف دينار، فقتل عنها فتزوجها رجل من تميم، فأصدقها مائة ألف دينار.