اسم الکتاب : المبسوط في فقه الإمامية المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 3 صفحة : 314
لأن ذلك ليس بصرف، و إنما يراعى جميع ذلك في البيع و الصرف، و على من جمع بينهما الدلالة.
إذا كان له في ذمة رجل مال فوهبه له ذلك كان ذلك إبراء بلفظ الهبة
، و هل من شرط صحة الإبراء قبول المبرء أم لا؟ قال قوم من شرط صحته قبوله و لا يصح حتى يقبل و ما لم يقبل فالحق ثابت بحاله، و هو الذي يقوى في نفسي لأن في إبرائه إياه من الحق الذي له عليه منة عليه، و لا يجبر على قبول المنة، فإذا لم نعتبر قبوله أجبرناه على ذلك كما نقول في هبة العين له أنها لا تصح إلا إذا قبل.
و قال قوم إنه يصح شاء من عليه الحق أو أبي، لقوله تعالى «فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ»[1] فاعتبر مجرد الصدقة و لم يعتبر القبول، و قال تعالى «وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلّا أَنْ يَصَّدَّقُوا»[2] فأسقط الدية بمجرد التصدق و لم يعتبر القبول، و التصدق في هذا الموضع الإبراء، و هذا أيضا ظاهر قوى.
هذا إذا وهب لمن عليه الحق فأما إذا وهبه لغيره فهل يصح أم لا؟ يصح ذلك إذا كان من عليه الحق معينا و كان قدر الحق الذي عليه معلوما، و يجوز أيضا بيعه و قال قوم: لا يجوز هبته كما لا يجوز بيعه، فمن قال يصح هبته لزمت الهبة بنفس العقد، و لا يشترط القبض في لزومه مثل الحوالة، و منهم من قال لا يصح بيعه و لا هبته و لا رهنه، و الذي يقتضيه مذهبنا أنه يجوز بيعه و هبته و رهنه و لا مانع منه.
صدقة التطوع عندنا بمنزلة الهبة في جميع الأحكام
، من شرطها الإيجاب و القبول و لا يلزم إلا بالقبض، و كل من له الرجوع في الهبة له الرجوع في الصدقة عليه.
الحاج إذا اشترى في سفره شيئا بأسامي أصدقائه و مات في الطريق
، كان ورثته بالخيار فيما اشتراه و سماه لأصدقائه، إن شاؤا أمسكوه، و إن شاؤا أهدوا لهم، لأن الهدية لا تصح إلا بالإيجاب و القبول، و لا تلزم إلا بالقبض، و كذلك إذا أهدى إلى رجل شيئا على يد رسول فإنه على ملكه بعد، و إن مات المهدي إليه كان له استرجاعه