ها نحن الآن قد وصلْنا في حوارنا الى الصّلاة ـ قال أبي ـ ( والصلاة ـ كما ورد في الحديث النّبوي الشريف ـ : عمود الدين إنْ قُبِلت قُبِل ما سِواها ، وإنْ رُدّت رُدّ ما سِواها ) . إنّها ـ أضاف أبي ـ مواعيد لقاءات محدّدة ثابتة بين الخالق ومخلوقه ، رسم الله سبحانه وتعالى أوقاتها السعيدة ، وطرائقها ، وصورها وكيفيّاتها لعباده..
تقف خلالها بين يديه ، متوجّهاً إليه بعقلك وقلبك وجوارحك ، تحادثه وتناجيه ، فيسكب عليك خلال تلك المناجاة صفاءً ذهنيّاً ونفسيّاً رائعاً ، وشفافيّةً روحيّة تسبح خلالها بطيب المشافهة ، وتنعم معها بدفء وعذوبة وولَه وسعادة ولذّة الوصال والتلاقي . وطبيعي أنْ تعتريك تلك الرهبة المحبّبة وأنت تقف بين يدَي خالِقك العظيم.. الرحيم بك ، الرؤوف بحالك ، السميع البصير .
لقد كان استغراق جدّك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعبادة ربّه وتوجّهه إليه بكلِّه فرصةً مناسبةً لاستلال النصل من جسَدِه في معركة صفّين ، لانشغاله عن معاناة ألم الجسد بمناجاة ربِّه .
وكان إمامك زين العابدين ( عليه السلام ) إذا توضّأ للصلاة اصفّر لونه . فيقول له أهلُه : ما هذا الّذي ينتابك عند الوضوء ؟ فيقول : ( أتدرون بين