ينبغي للمصلي بعد إحرازشرائط صحة الصلاة
ورفع موانعها السعي في تحصيل شرائط قبولها ورفع موانعه ، فإن الصحة والاجزاء غير
القبول ، فقد يكون العمل صحيحاً ولا يعد فاعله تاركاً بحيث يستحق العقاب على الترك
لكن لا يكون مقبولاً للمولى ، وعمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل فإنه روحه
وهو بمنزلة الجسد ، فإن كان حاصلاً في جميعه فتمامه مقبول ، وإلا فبمقدراه ، فقد
يكون نصفه مقبولاً وقد يكون ثلثه مقبولاً وقد يكون ربعه وهكذا ، ومعنى الاقبال أن
يحضر قلبه ويتفهم ما يقول ويتذكر عظمة الله تعالى وأنه ليس كسائر من يخاطب ويتكلم
معه بحيث يحصل في قلبه هيبة منه ، وبملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة
حياء وحالة بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى ، وللاقبال
وحضور القلب مراتب ودرجات ، وأعلاها ما كان لامير المؤمنين ( صلوات الله عليه )
حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة ولا يحسّ به ، وينبغي له أن يكون مع الخضوع
والخشوع والوقار والسكينة ، وأن يصلي صلاة مودّع ، وأن يجدد التوبة والانابة
والاستغفار ، وأن يكون صادقاً في أقواله كقوله : ( إياك نعبد وإياك نستعين
) وفي سائر مقالاته ، وأن يلتفت أنه لمن يناجي وممن يسأل ولمن يسأل.
وينبغي أيضاً أن يبذل جهده في الحذر عن
مكائد الشيطان وحبائله ومصائده التي منها إدخال العجب في نفس العابد ، وهو من
موانع قبول العمل [٣٣٤]
، ومن موانع القبول أيضاً حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة ، ومنها
[٣٣٤] ( وهو من
موانع قبول العمل ) : بل المقارن منه قد يوجب البطلان كما سيأتي في النية.