اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 3 صفحة : 33
و الّذي يقتضيه مذهبنا خلاف ذلك، لأنّ إجماع أصحابنا منعقد على ان التدبير بمنزلة الوصيّة، بل هو وصيّة، و لا خلاف بينهم في ان للإنسان ان يرجع في وصيّته ما دام حيّا ثابت العقل، و لا خلاف بينهم في ان الأولاد مدبرون، فكيف لا يرجع فيهم.
و قال شيخنا أبو جعفر في نهايته، و إذا دبر عبده و عليه دين، فرارا به من الدين، ثمّ مات، كان التدبير باطلا، و بيع العبد في الدين، و ان دبر العبد في حال السّلامة ثمّ حصل عليه دين، و مات، لم يكن للديان على المدبر سبيل [1].
قال محمّد بن إدريس (رحمه الله) و هذا غير واضح، لانه لا خلاف بيننا أنّ التدبير بمنزلة الوصيّة يخرج من الثلث، و لا يصح الّا بعد قضاء الدّيون، فعلى هذا التحرير و التقرير يباع العبد في الدّين، و يبطل التدبير على كل حال، سواء دبره في حال السلامة، أو فرارا من الدّين، و انما هذا خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا.
و المدبر متى حصل معه مال، جاز لمولاه التصرف فيه، كما ينصرف في ماله، فان باعه، جاز له ان يأخذ ماله.
و إذا أبق المدبر، بطل تدبيره، فان رزق في حال إباقه بكسر الألف مالا، و أولادا، ثمّ مات، و مات الذي دبره، كانوا رقا لورثته، و جميع ما خلفه من المال و الولد لورثة الذي دبره.
و قد روي [2] انه إذا جعل الإنسان خدمة عبده لغيره، و قال «متى مات من جعل له تلك الخدمة يكون حرا» كان ذلك صحيحا فمتى مات المجعول له ذلك، صار حرا، و ان أبق العبد و لم يرجع الّا بعد موت من جعل له خدمته، لم يكن لأحد عليه سبيل، و صار حرا.
و لا دليل على هذه الرّواية، و صحّتها، لأنها مخالفة لأصول مذهبنا، لأنّ التدبير في عرف الشريعة عتق العبد بعد موت مولاه، و المجعول له الخدمة غير مولاه، و أيضا لو كان التدبير صحيحا، لكان إذا أبق أبطل التدبير، لأنّ عندنا إباق المدبر يبطل