اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 3 صفحة : 300
و استدل، و لا يلتفت الى ما قاله [1] شيخنا في مقنعته، فإنه خلاف أصول مذهبنا، و إجماع طائفتنا، و مصير الى مذهب المخالفين لنا.
و المهدوم عليهم و الغرقى إذا لم يعرف، تقدم موت بعضهم على بعض، و كان يرث بعضهم بعضا، ورث بعضهم من بعض، من نفس التركة، لا مما يرثه من الأخر، لأنّا ان ورثناه مما يرثه، لما انفصلت القسمة أبدا.
و ذهب بعض أصحابنا إلى أنه يورثه مما ورثه أيضا، و هو اختيار شيخنا المفيد [2].
و الأول هو الأظهر بين الطائفة الذي يقتضيه أصول مذهبنا، لأن الإرث لا يكون الّا فيما يملكه الميت قبل موته.
و قد روى أصحابنا انه يقدم أضعفهم نصيبا في الاستحقاق، و يؤخر الأقوى [3]، مثال ذلك زوج و زوجة، فإنه يفرض المسألة أوّلا كان الزوج مات، و تورث منه الزوجة، لأن سهمها أقل من سهم الزّوج، و يورث بعد ذلك الزوج.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة، و هذا مما لا يتغير به حكم، سواء قدمنا موت الزوج أو الزوجة، إذا ورثنا أحدهما من صاحبه، غير انا نتبع الأثر في ذلك [4].
و نعم ما قال و متى ورثنا أحدهما من صاحبه قدر ما يستحقه، فما يبقى يكون لورثته الاحياء، فان فرضنا في غرق الأب و الابن، أن للأب وارثا غير ان هذا الولد اولى منه، و فرضنا ان للولد وارثا غير ان أباه أولى منه، فإنه يصير ميراث الابن لورثة الأب، و ميراث الأب لورثة الابن، لأنا إذا فرضنا موت الابن أولا، صارت تركته للأب، و إذا فرضنا موت الأب بعد ذلك، صارت تركته خاصة للولد، و صار ممّا [5] كان ورثه من أبيه لورثته الأخر، و كذلك إذا فرضنا موت الأب، يصير تركته خاصّة لورثة الابن، و على هذا يجري أصل هذا الباب، فان خلف أحدهما