اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 3 صفحة : 280
و هذا أيضا مذهب السيّد المرتضى رضى اللّه عنه على ما حكاه عنه، ذكره في انتصاره مثل ما ذكره شيخه المفيد، و شرحه كشرحه، و فضل أحواله كتفصيله، و صوّره كتصويره، حرفا فحرفا، ثم قال في استدلاله على صحة المسألة. و الذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الإجماع المتردّد، و أيضا فإن باقي الفقهاء عوّلوا عند اشكال الأمر و تقابل الأمارات على رأي و ظن و حسبان، و عوّلت الإماميّة فيما يحكم به في الخنثى على نصوص و شرع محدود، فقولها على كل حال اولى. هذا آخر كلام السيّد المرتضى [1] الا ترى أرشدك اللّه الى الخيرات استدلال هذين العالمين القدوتين بإجماع الإمامية على صحة القول في هذه المسألة، و فساد قول من خالفهما فيه. و الى ما ذهبا إليه أذهب، و عليه اعمل، و به افتي، إذ الدليل يعضده، و الحجّة تسنده، و هو الإجماع المشار اليه، و الخبر المتفق عليه، و قد كان في بعض أصحابنا الماضين (رحمهم اللّه) يتعاطى معرفة مسائل الخناثى، و الضرب لها و استخراج سهامهم بغير انكسار، و كنا نجيل في ذلك سهامنا مع سهامهم متبعين كلامهم قبل اعمال نظرنا في المسألة، إذ الإذن البكر تقبل ما يرد عليها بلا روية و لا نظر، و هذا غير محمود عقلا و شرعا، فحيث تأملنا المسألة و أعطينا النظر حقه و سبرنا أقاويل أصحابنا و كتبهم، وجدناها بخلاف ما كنا عليه، فكشفنا قناع صحتها، و أوضحنا غياهيب ظلمتها.
و أيضا فالدليل على أصل المسألة قول اللّه سبحانه ممتنا به على خلقه و عباده «يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً»[2] و قال تعالى «يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ»[3] و قال تعالى «أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ»[4] و قال «وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى»[5] و ما قال في امتنانه- و الخنثى- و قال «أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ»[6] و قال تعالى «أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى»[7] فلو كان بعد الأنثى منزلة