اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 3 صفحة : 154
عليه، فإذا ثبت أنه يزول- و هو الصحيح- فإنه ينتقل الى الموقوف عليه، و قال قوم:
ينتقل الى اللّه، و لا ينتقل الى الموقوف عليه.
و إنّما قلنا: انه ينتقل الى الموقوف عليه، لانه يضمن بالغصب، و يثبت عليه اليد، و ليس فيه أكثر من أنه لا يملك بيعه على حال، و منع البيع لا يدلّ على أنه لم يملكه، لأنّ الشيء المرهون ملك للراهن، و لا يجوز له بيعه، و كذلك أم الولد ملك لسيدها، بلا خلاف، و لا يجوز له بيعها ما دام ولدها حيا، عند أصحابنا.
فعلى هذا التحرير فهل يقبل في الوقف شاهد واحد و يمين المدّعي أم لا؟ من قال: ينتقل الى اللّه قال: لا تقبل في ذلك إلّا شهادة شاهدين، و من قال: ينتقل الى الموقوف عليه قال: تقبل في ذلك شهادة واحد و يمين المدعي الذي هو الموقوف عليه، لأنّ شهادة الواحد و يمين المدعي تقبل عندنا في كل ما كان مالا، أو المقصود منه المال، و الوقف مال أو المقصود منه المال، بغير خلاف.
يجوز وقف الأراضي، و العقار، و الدور، و الرقيق و الماشية، و السلاح، و كل عين تبقى بقاء متصلا و يمكن الانتفاع بها، خلافا لأبي يوسف، فإنه لا يجوّز الوقف إلا في الدور، و الأراضي، و الكراع، و السلاح، و الغلمان، تبعا للضيعة الموقوفة.
و كل عين جاز بيعها و أمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فإنه يجوز وقفها، إذا كانت معينة، فاما إذا كانت في الذمة، أو كانت مطلقة، و هو ان يقول: وقفت فرسا أو عبدا فان ذلك لا يجوز، لانه لا يمكن الانتفاع به ما لم يتعيّن، و لا يمكن تسليمه، و لا يمكن فيه القبض، و من شرط لزومه القبض.
فاما الدنانير و الدراهم فلا يصح وقفهما، بلا خلاف و إنما قلنا لا يجوز، لانه لا منفعة لهما مقصودة غير التصرف فيهما، فأما إذا كانت حليا مباحا فلا يمنع من وقفها مانع، فاما ما عدا الدنانير و الدراهم، من الأواني، و الفرش، و الدواب، و البهائم، فإنه يجوز وقفها، لما ذكرناه.
و يجوز وقف المشاع، كما يجوز وقف المقسوم، و يصح قبضه كما يصحّ قبضه في البيع.
و جملة القول أنّه يفتقر صحة الوقف الى شروط
اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 3 صفحة : 154