اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 93
حصول علمه به، و هكذا أبواب نواهي الشرع كلها، و لهذا لما بلغ أهل قبا، أنّ القبلة قد حوّلت إلى الكعبة، و هم في الصلاة، داروا و بنوا على صلاتهم، و لم يؤمروا بالإعادة، و كذلك نهي الموكل وكيله عن التصرف، ينبغي أن لا يتعلق به حكم في حقّ الوكيل، إلا بعد العلم، قال: و هذا القول أقوى من الأول، و قد رجحناه في الكتابين [1].
قال محمّد بن إدريس: الأقوى عندي ما ذكره (رحمه الله) في نهايته [2]، فهو وجه الجمع بين الأحاديث، و هو الذي حررناه و اخترناه في كتابنا هذا، و هو أنّه إذا قدر الموكّل، على اعلام الوكيل بالعزل، و لم يعلمه، و أشهد على عزله، و عزله، لم ينعزل، و كل أمر ينفذه فهو ماض على موكّله، فأمّا إذا تعذر على الموكل إعلام وكيله بالعزل، و لم يقدر على ذلك، و لم يمكنه، و أشهد حينئذ على عزله، و عزله، فقد انعزل، و كلّ أمر ينفذه بعد ذلك فهو باطل، غير ماض على موكّله، فيحمل الأخبار على هذا الاعتبار، و قد سلمت من التعارض، و عمل بجميعها من غير إطراح لشيء منها.
و قوله (رحمه الله): و قد رجحناه في الكتابين، يعني تهذيب الأحكام، و الاستبصار، أمّا تهذيب الأحكام فما رجح فيه شيئا، بل أورد الأخبار [3]، و أطلق الإيراد، من غير توسّط منه بينها، و أمّا الإستبصار فما ذكر الباب جملة.
و متى تعدّى الوكيل شيئا مما رسمه موكله، كان ضامنا لما تعدى فيه، فإن وكله في تزويجه امرأة بعينها، فزوجه غيرها، لم يثبت النكاح، و لزم الوكيل نصف المهر المسمّى، لأنّه غرّها، هذا إذا قال الوكيل أنّه وكلني في العقد عليك، و لم يقم له بينة بذلك.
فأمّا إذا صدقته المرأة على صحة قوله و وكالته، فلا سبيل لها عليه، لأنّها تقول ظلمني زوجي، و ليس لها أن تتزوج، إلا بعد موته، أو طلاقه، أو فراقه.