اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 650
ثمّ قال بعد هذه المسألة: مسألة، البائن إذا كان لها ولد يرضع، و وجد الزوج من يرضعه تطوّعا، و قالت الأم: أريد أجرة المثل، كان له نقل الولد عنها، و به قال أبو حنيفة و قوم من أصحاب الشافعي، و من أصحابه من قال: المسألة على قولين أحدهما مثل ما قلناه، و الثاني ليس له نقله عنها، و يلزمه اجرة المثل، و هو اختيار أبي حامد، دليلنا قوله تعالى وَ إِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى[1] و هذه إذا طلبت الأجرة و غيرها يتطوع، فقد تعاسرا، و استدلّ أبو حامد بقوله تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ[2] فأوجب لها الأجرة إذا أرضعته، و لم يفصّل، و هذا ليس بصحيح، لأنّ الآية تفيد لزوم الأجرة إن أرضعته، و ذلك لا خلاف فيه، و انّما الكلام في أنّه يجب دفع المولود إليها ليرضع أم لا؟ و ليس كذلك في الآية [3] هذا آخر كلامه (رضي اللّه عنه).
ففصّل القول في مسائل خلافه، و ذكر البائن و غير البائن.
قال محمّد بن إدريس: ما تمسّك به أبو حامد قوي و به أفتي، و عليه أعمل لقوله تعالى فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فأوجب لها الأجرة إذا أرضعته، و لم يفصّل بين من هي في حباله أو بائن عنه، و هو الظاهر من أقوال أصحابنا، أعني استحقاقها الأجرة، و صحّة العقد عليها للرضاع، سواء كانت بائنا عنه، أو في حبال زوجها، إلا أنّه لا يجبرها على الرضاع، و هذا اختيار السيد المرتضى، و ما ذكرناه أولا مذهب شيخنا أبي جعفر في مبسوطة [4]، و الذي اخترناه مذهبه في نهايته [5]، و هو المنصوص عن الأئمة الأطهار [6].