اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 577
في نهايته: كان العقد باطلا [1]. و كذلك يقول شيخنا المفيد في مقنعته [2]، إلا أنّ شيخنا أبا جعفر رجع عن ذلك في مسائل خلافه، في كتاب الصداق فقال:
مسألة، إذا عقد على مهر فاسد مثل الخمر و الخنزير و الميتة و ما أشبهه، فسد المهر و لم يفسد النكاح. و وجب لها مهر المثل، و به قال جميع الفقهاء، إلا مالكا، فإنّ عنه روايتين، إحداهما مثل ما قلناه، و الأخرى يفسد النكاح، و به قال قوم من أصحابنا، ثمّ قال في استدلاله على صحّة ما اختاره (رحمه الله): دليلنا انّ ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد، فإذا ذكر ما هو فاسد، لم يكن أكثر من أن لم يذكره أصلا، فلا يؤثر ذلك في فساد العقد [3]، هذا آخر كلامه.
قال محمّد بن إدريس: الذي يقوى في نفسي، ما ذكره في مسائل خلافه، و الدليل عليه ما استدلّ به (رحمه الله)، فإنّه استدلال مرضي، و لا إجماع على فساد هذا العقد، و لا كتاب اللّه تعالى، و لا دليل عقل، و لا سنّة متواترة، بل قوله تعالى يعضد ما ذكره، و هو قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ[4]. و النكاح قد بيّنا أنّه العقد من الإيجاب و القبول، و قد حصل ذلك، و قد بيّنا أيضا أنّ ذكر المهر ليس من شرط صحة عقد الدوام.
و يجوز أن يكون منافع الحر مهرا، مثل تعليم قرآن، أو شعر مباح، أو بناء، أو خياطة ثوب، و غير ذلك مما له أجرة، لأنّ كلّ ذلك له أجر معيّن، و قيمة مقدرة.
و استثنى بعض أصحابنا من جملة ذلك الإجارة إذا كانت معيّنة يعملها الزوج بنفسه، قال: لأنّ ذلك كان مخصوصا بموسى (عليه السلام)، و الوجه في ذلك أنّ الإجارة إذا كانت معيّنة لا تكون مضمونة، بل إذا مات المستأجر لا تؤخذ من تركته، و يستأجر لتمام العمل، و إذا كانت في الذمة تؤخذ من تركته،
[1] النهاية: كتاب النكاح، باب المهور و ما ينعقد به النكاح أول الباب.
[2] المقنعة: أبواب النكاح، باب المهور و الأجور و ما ينعقد به النكاح(ص)508.