اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 573
العقل يعضد ما اخترناه، إذ لا إجماع من أصحابنا على خلاف ما شرحناه، و لا تواتر من الأخبار على ضد ما بيّناه. و قول شيخنا أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) مختلف على ما بيّناه في كتبه و حكيناه، و أقوال المفسرين مختلفة على ما سطّرناه.
و لو لا الإجماع من أصحابنا على أنّ الذي بيده عقدة النكاح، الأب و الجدّ على غير البالغ، لكان قول الجبائي قويا، مع أنّه قد روي في بعض أخبارنا أنّه الزوج [1].
و روي أنّه إذا كان لرجل عدة بنات، فعقد لرجل على واحدة منهن، و لم يسمّها بعينها، لا للزوج و لا للشهود، فإن كان الزوج قد رآهن كلّهن، كان القول قول الأب، و على الأب أن يسلّم إليه التي نوى العقد عليها عند عقدة النكاح، و إن كان الزوج لم يرهن كلّهن كان العقد باطلا، ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته [2].
و عاد عنه في مبسوطة، و ضعفه، و قال: النكاح باطل في الموضعين [3].
و هو الذي يقوى في نفسي، لأنّ العقد حكم شرعي، يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي، و من شرط صحته تمييز المعقود عليها، و لأنّه إذا ميزها من غيرها، صحّ العقد بلا خلاف، و إذا لم يميزها ليس على صحته دليل، أو فيه خلاف، فالاحتياط يقتضي ما قلناه و اخترناه، و إنّما أورد الخبر شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا، كما أورد أمثاله مما لا يعمل به، رواها أبو عبيدة فحسب.
و قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة في فصل فيما ينعقد به النكاح: لا يصح النكاح حتى تكون المنكوحة معروفة بعينها، على صفة تكون متميزة عن غيرها، و ذلك بالإشارة إليها أو التسمية أو الصفة [4].
و قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطة: لا يصح نكاح الثيب إلا بإذنها، و إذنها
[1] مستدرك الوسائل: الباب 37 من أبواب المهور، ح 4.
[2] النهاية: كتاب النكاح باب من يتولى العقد على النساء آخر الباب.
[3] المبسوط: ج 4، كتاب النكاح، فصل فيما ينعقد به النكاح،(ص)192، و العبارة هكذا: و إن قال: إحدى ابنتي أو قال: بنتي فقط، فالنكاح باطل.