اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 478
و إن خطته فارسيا- و هو الذي يكون بدرز واحد- فلك نصف درهم، صحّ العقد [1].
قال محمد بن إدريس: ما ذكره شيخنا في المسألتين غير واضح، و الذي تقتضيه أصول مذهبنا، أنّ الإجارة باطلة، لأنّ الأجرة غير معيّنة، و لا مقطوع عليها وقت العقد، و لأنّ المؤجر لم يستحق على المستأجر في الحال [2] عملا بعينه، فهو بالخيار في ذلك، و من شرط صحة الإجارة استحقاق عمل مخصوص على المستأجر للمستأجر، و عقد الإجارة على هذا التحرير باطل، فإن عمل كان له اجرة المثل، و لأنّ عقد الإجارة حكم شرعيّ، يحتاج في ثبوته إلى دليل شرعي، فمن أثبته يحتاج إلى دليل، و الأصل براءة الذمة، و إن قلنا: هذه جعالة كان قويا، فإذا فعل الفعل المجعول عليه، استحق الجعل، كرجل قال: من حج عنّي فله دينار، فهذه جعالة بلا خلاف.
فأمّا تمسّك شيخنا أبي جعفر في صحّة المسألتين، فإنّه قال: دليلنا أنّ الأصل جواز ذلك، و المنع يحتاج إلى دليل، و قوله (عليه السلام): «المؤمنون عند شروطهم» و في أخبارهم ما يجري مثل هذه المسألة بعينها منصوصة، و هي أن يستأجر منه دابة على أن يوافي بها يوما بعينه، فإن لم يواف بها ذلك اليوم، كان أجرتها أقلّ من ذلك، و إن هذا جائز، و هذه مثلها بعينها سواء، هذا آخر استدلال شيخنا [3] و ما ذكره (رحمه الله) ليس فيه دليل يدفع به خصمه.
أمّا قوله: «الأصل جواز ذلك» بل الأصل براءة الذمم، فمن شغلها بأمور شرعيّات و عقود لازمات، و العقد حكم شرعيّ لا عقلي، يحتاج مثبتة إلى دليل شرعيّ، و الأصل أن لا عقد.
فأمّا قوله: «المؤمنون عند شروطهم» فهو إذا كان الشرط شرعيا، لا يمنع شرعيّ، و الأصل أن لا عقد.
منه كتاب و لا سنة، و السنة منعت من الشروط التي تفضي إلى الغرر.