اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 436
بل يلزمه ردّ ذلك إلى مستحقه، إن عرفه بعينه، فإن لم يتعيّن له، حملها إلى الإمام العادل، فإن لم يتمكن، لزمه الحفظ بنفسه في حياته، و بمن يثق به في ذلك، بعد وفاته، إلى حين التمكّن من المستحق، و من أصحابنا من قال: تكون و الحال هذه في الحكم كاللقطة، على ما روي في بعض الروايات [1] و الأول أحوط.
و إن كانت الوديعة من حلال و حرام لا يتميز أحدهما من الآخر، لزم ردّ جميعها إلى المودع متى طلبها، بدليل إجماع أصحابنا.
و متى ادّعى صاحب الوديعة تفريطا، فعليه البيّنة، فإن فقدت فالقول قول المودع- لأنّه أمين- مع يمينه.
فإذا ثبت التفريط، و اختلفا في قيمة الوديعة، و لا بيّنة فالقول قول المودع الأمين- لأنّه المدّعى عليه- مع يمينه.
و من أصحابنا من قال: القول قول صاحبها مع يمينه [2]، و هذا مخالف لأصول المذهب، و ما عليه الإجماع، و المتواتر من الأخبار، لأنّ القول بذلك، يؤدّى إلى أنّ القول قول المدّعي، و على الجاحد البيّنة، و هذا خلاف ما عليه كافّة المسلمين، و أيضا الأصل براءة ذمة الجاحد، فمن شغلها بزيادة على ما يقول و يقرّ فعليه الدلالة، و لأنّه أيضا غارم، و الغارم يكون القول قوله مع يمينه، بلا خلاف، و ما ذكره شيخنا في نهايته [3] خبر واحد، لا يرجع بمثله عن الأدلة القاهرة، و لا يخصّ بمثله العموم.
و إذا طلبها صاحبها من المستودع، و هو متمكن من ردّها، و ليس عليه في ذلك و لا على غيره ضرر، لا يمكن تلافيه من الخوف على النفس و على المال، وجب عليه ردّها، سواء كان المودع كافرا، أو مسلما، أو مؤمنا، أو فاسقا، و على كلّ حال.
[1] لم نجد رواية في خصوص هذا الموضوع. و لعلّ المراد بها بعض ما ورد في المال المجهول المالك أو المفقود المالك. فراجع الوسائل: الباب 7 من اللقطة، و الباب 6 من أبواب ميراث الخنثى.
[2] و هو الشيخ (رحمه الله) في النهاية: كتاب التجارة، باب الوديعة و العارية.
[3] و هو الشيخ (رحمه الله) في النهاية: كتاب التجارة، باب الوديعة و العارية.
اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 436