اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 288
صحيحا، و لزمه ثمنه الذي كان أعطاه به، ثمّ قال (رحمه الله) و إن أخذ من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال، لم يكن بذلك بأس [1].
و الأول هو الصحيح الذي تقتضيه أصول المذهب، لأنّ اللّه تعالى قال:
«وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا» و هذا بيع، فمن منع منه يحتاج إلى دليل، و لن يجده، و لا نرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد، و ما أورده و ذكره شيخنا في نهايته، خبر واحد، أورده إيرادا، لا اعتقادا.
و إذا باع شيئا إلى أجل، و أحضر المبتاع الثمن، قبل حلول الأجل، كان البائع بالخيار، بين قبض الثمن، و بين تركه [2] إلى حلول الأجل، و يكون في ذمة المبتاع، فإن حلّ الأجل، و جاء المبتاع بالثمن، و مكّنه منه، و لم يقبض البائع، ثم هلك الثمن، كان من مال البائع، دون المبتاع.
و كذلك إن اشترى شيئا إلى أجل، و أحضر البائع المبيع قبل حلول الأجل، كان المبتاع مخيّرا، بين أخذه و تركه، فإن هلك قبل حلول الأجل، كان من مال البائع، دون مال المبتاع، فإن حلّ الأجل، و أحضر البائع المتاع، و مكّن المبتاع من قبضه، فامتنع من قبضه، ثمّ هلك المتاع، كان من مال المبتاع، دون مال البائع، هكذا أورده شيخنا في نهايته [3].
و الأولى في المسألتين معا، أنّه إذا امتنع الممتنع من قبض دينه، و حقه، و ماله، بعد حلوله، و استحقاقه، و تمكينه منه، و أفراده، أن يرفع أمره إلى الحاكم، و يطالبه بقبضه، أو إبرائه ممّا له عليه، فإن لم يفعل، و لم يجب إلى إحدى الخصلتين، تسلّمه الحاكم ممن هو عليه، و جعله في بيت المال، ليحفظه على صاحبه، و لا يجوز للحاكم أن يجبره على البراءة له، و لا على قبضه، لأنّ الحاكم منصوب للحق، و إزالة الضرر غير المستحق، و لا دليل على وجوب
[1] النهاية: كتاب التجارة، باب البيع بالنقد و النسيئة.