اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 258
قال محمّد بن إدريس: أمّا قوله (رحمه الله): «و لا يجوز بيع الغنم باللحم لا وزنا و لا جزافا»، إن أراد الجزاف، فلا يجوز، لأنّ ما يباع بالوزن، لا يجوز بيعه و لا شراؤه جزافا، بلا خلاف بيننا، و أمّا قوله: «لا وزنا» فهذا فيه كلام، إن أراد بذلك أنّه ربا، فقد قال في مبسوطة ما حكيناه عنه، من أنّه إذا باع عينا بعين، فإن كان في إحداهما الربا، و الأخرى لا ربا فيها، فإنّ بيع ذلك جائز، و هذا من ذاك.
و أيضا كان يفسد عليه إطلاق كلامه في نهايته، من قوله: «و لا يجوز بيع الغنم باللحم» و لم يقل أي اللحمان هو، لأنّه إذا كان لحم غير الغنم، فلا بأس على ما ذكره في مسائل خلافه و مبسوطة، لأنّه قد اختلف الجنس.
و أيضا الإجماع منعقد، على أنّه لا ربا إلا فيما يكال و يوزن، إذا بيع المثل بالمثل و زيادة، و بيع الغنم باللحم، خارج من ذلك.
و أيضا الأصل الإباحة، و المنع يحتاج إلى دليل، مع قوله تعالى «وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا» و هذا بيع، فمن منع منه يحتاج إلى دليل، و لا إجماع منعقد على المسألة، حتى يصار إليه.
فإن قيل: فعلى هذا التقرير و التحرير، يجوز بيع الغنم باللحم، يدا بيد، فهل يجوز ذلك نسيئة.
قلنا: إن أسلف الغنم في اللحم، لا يجوز بغير خلاف، لأنّ السلم في اللحم عندنا لا يجوز، لأنّه لا يكاد يضبط بالوصف، فإنّه يتباين تباينا كثيرا، و كذلك الخبز، و روايا الماء، و إن كان جعل اللحم الثمن، و المسلم فيه الغنم، و وصفها، و ضرب الأجل المحروس، فذلك جائز، لا مانع يمنع منه، فليتأمّل ذلك، و يفهم عنى ما سطرته، فإن فقهه غامض، إلا على المحصّل المحقق لأصول المذهب.
ثم قال شيخنا في نهايته: و لا يجوز أيضا بيع الرطب بالتمر، مثلا بمثل، لأنّه إذا جف نقص [1].