اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 23
المنكر لا ينقسم، بل كلّه قبيح، فالنهي عنه كلّه واجب.
و النهي عن المنكر له شروط ستة، أحدها أن يعلمه منكرا، و ثانيها أن يكون هناك أمارة الاستمرار عليه، و ثالثها أن يظن أن إنكاره يؤثر أو يجوّزه، و رابعها أن لا يخاف على نفسه، و خامسها أن لا يخاف على ماله، و سادسها أن لا يكون فيه مفسدة، و إن اقتصرت على أربعة شروط كان كافيا، لأنّك إذا قلت: لا يكون فيه مفسدة، دخل فيه الخوف على النفس و المال، لأنّ ذلك كلّه مفسدة.
و الغرص بإنكار المنكر، أن لا يقع، فإذا أثّر القول و الوعظ في ارتفاعه، اقتصر عليه، و لا يجوز حينئذ باليد، و إن لم يؤثر وجب باليد، بأن يمتنع [1] منه، و يدفع عنه، و إن أدّى ذلك إلى إيلام المنكر عليه، و الإضرار به، و إتلاف نفسه بعد أن يكون القصد ارتفاع المنكر، و أن لا يقع من فاعله، و لا [2] يقصد إيقاع الضرر به.
و قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه الاقتصاد: غير أنّ ظاهر مذهب شيوخنا الإماميّة، أنّ هذا الجنس من الإنكار، لا يكون إلا للإمام، أو لمن يأذن له الإمام فيه. ثم قال (رحمه الله): و كان المرتضى (رحمه الله) يخالف في ذلك، و يقول: يجوز فعل ذلك بغير إذنه، لأنّ ما يفعل بإذنهم يكون مقصودا، و هذا بخلاف ذلك، لأنّه غير مقصود، و إنّما قصده المدافعة و الممانعة، فإن وقع ضرر فهو غير مقصود [3]، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي في الاقتصاد.
و ما ذهب السيد المرتضى (رضي اللّه عنه) إليه، هو الأقوى، و به أفتي، و قد رجع شيخنا أبو جعفر الطوسي، إلى قول المرتضى في كتاب التبيان [4]، و قوّاه،