responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي    الجزء : 2  صفحة : 203

هذا الخوف، الدخول فيه، بعد إلزامه له، و خوفه المذكور منه، و يجتهد و يحرص بعد هذا كلّه على وضع الأمور الشرعيّة مواضعها، و إقرار الحق مقره، فإن لم يتمكن من ذلك، اجتهد فيما يتمكن منه، فان لم يتمكّن من فعل شيء ظاهرا فعله سرا، لا سيّما فيما يتعلّق بحقوق الإخوان في الدين، و التخفيف عنهم من ظلم السلاطين الجورة، من خراج، و غيره، فإن لم يتمكن من القيام بحق من الحقوق، و الحال في التقية، على ما ذكرناه، جاز له أن يتقي في جميع الأشياء، و سائر الأمور، و الأحكام التي لا تبلغ إلى قتل النفوس، و سفك الدماء المحرمة، لأنّ ذلك ليس فيه تقية عند أصحابنا، لا خلاف بينهم، أن لا تقية في قتل النفس، و سفك الدماء، فإذا كان الأمر في التقية ما ذكرناه، جاز له قبول جوائزه، و صلاته، ما لم يعلم أنّ ذلك ظلم بعينه، فإذا لم يعلم أنّه بعينه ظلم، فلا بأس بقبوله، و إن كان المجيز له ظالما، و ينبغي له أن يخرج الخمس من كل ما يحصل من ذلك، و يوصله إلى أربابه، و مستحقيه، و ينبغي له أن يصل إخوانه من الباقي بشيء، و يتصرف هو في منافعه بالبعض، الذي يبقي من ذلك.

و إذا تمكن الإنسان من ترك معاملة الظالمين، بالبيع و الشراء، و غير ذلك، فالأولى به تركها، و لا يتعرض لشيء منها جملة، و إن لم يتمكن من ترك معاملتهم، كانت جائزة إلا أنه لا يشتري منهم شيئا يعلم أنّه مغصوب بعينه جميعه، فإن كان يعلم أن فيه شيئا مغصوبا، إلا أنّه غير مميز العين، بل هو مخلوط في غيره من غلاته، التي يأخذها على جهة الخراج، و أمواله، فلا بأس أيضا بشرائه منها، و قبول صلته منها، لأنّها صارت بمنزلة المستهلكة، لأنه غير قادر على ردّها بعينها، و لا يقبل منه ما هو محرم في شرع الإسلام، فإن خاف من ردّ جوائزهم و صلاتهم، التي يعلمها ظلما بأعيانها، و غصبا، على نفسه و ماله، جاز له قبولها عند هذه الحال، و يجب عليه ردّها على أربابها، إن عرفهم، فإن لم يعرفهم، عرّف ذلك المال، و اجتهد في طلبهم.

اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي    الجزء : 2  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست