اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 146
و قال (رحمه الله) في نهايته: و إن شهد رجلان على رجل، بطلاق امرأته، فاعتدت و تزوّجت، و دخل بها، ثم رجعا، وجب عليهما الحدّ، و ضمنا المهر للزوج الثاني، و ترجع المرأة إلى الأول بعد الاستبراء بعدة من الثاني [1].
قال محمد بن إدريس (رحمه الله): قوله و يضربان الحد، يريد بذلك التعزير، فسمّاه حدّا، لأنه لا يجب على كل واحد منهما حدّ كامل، لكنّهما شاهدا زور، فيعزران بحسب ما يراه الإمام (عليه السلام)، أو الحاكم من قبله.
و قوله: يرجع إلى الأوّل فيه نظر، لأنّهما إذا شهدا بالطلاق عند الحاكم، كانا عنده وقت شهادتهما بشرائط العدالة، و حكم بشهادتهما، و أمضى الحكم، و تزوّجت المرأة بحكمه.
و قوله: فلا تأثير لرجوعهما، و لا ينقض الحكم برجوعهما، بل يغرمان ما أتلفا و ضيعا، بشهادتهما من الأموال، و لا ينقض الحاكم ما حكم به، و لا يرجع على المشهود له بشيء ممّا شهدا له به.
هذا حكم سائر في جميع الأشياء، مجمع عليه عند أصحابنا، و إليه يذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه [2]، و مبسوطة [3].
قال في مسائل خلافه: مسألة، إذا شهد شاهدان بحق، و عرفت عدالتهما، و حكم الحاكم، و استوفى الحق، ثم رجعا عن الشهادة، لم ينقض حكمه، و به قال جميع الفقهاء، و قال سعيد بن المسيب، و الأوزاعي ينقضه، قال: دليلنا انّ الذي حكم به مقطوع به بالشرع، و رجوعهما يحتمل الصدق و الكذب، فلا ينقض به ما قد قطع عليه، هذا آخر كلامه (رحمه الله) في مسائل الخلاف.
قال محمد بن إدريس: و طلاق هذه المرأة مقطوع عليه، و تزويجها مأمور به، محكوم بصحة العقد، بغير خلاف، فلا يرجع عن هذا المقطوع عليه، المحكوم، بصحته شرعا، بأمر مظنون، و هو رجوعهما إليه، لأنّه يحتمل الصدق و الكذب، و الحق