اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 141
و لا بدّ في ذلك من الترتيب، و هو أن يشهد الشاهد أوّلا، ثمّ يحلف المدّعي بعد ذلك، فإن حلف قبل شهادة الشاهد لا يعتد بذلك.
فإن قال من أقام الشاهد: لست أختار اليمين مع الشاهد، و لا أضم إليه شاهدا آخر، و اختار مطالبة المدّعي عليه باليمين، كان له ذلك، فإن اختار الاستحلاف، نظرت، فإن اختار أن يسترد ما بذله، و يحلف هو، لم يكن له ذلك، لأنّ من بذل اليمين لخصمه، لم يكن له أن يستردها إلى نفسه بغير رضاه و إن اختار أن يقيم على ذلك، و يستحلف المدّعى عليه، كان له، فإذا فعل هذا، لم يخل المدّعى عليه من أحد أمرين، إما أن يحلف، أو ينكل، بضم الكاف، فإن احلف أسقط [1] دعوى المدّعي، و إن لم يحلف فقد نكل، و حصل مع المدّعي نكول و شاهد، و هل يقضي بنكوله مع شاهد المدّعي؟ فعندنا أنّه لا يحكم به عليه.
فإذا تقرر أنّه لا يحكم عليه بمجرّد النكول، فهل تردّ اليمين على المدعي أم لا؟ قال بعض المخالفين لمذهبنا: لا ترد عليه، لأنّها يمين بذلها لخصمه، فإذا عفا عنها لم تعد إلى باذلها، كيمين المدّعى عليه، إذا بذلها للمدّعي، ثم عفا عنها، فإنّها لا تعود إلى باذلها.
و قال قوم: ترد إليه، و هذا هو الصحيح الذي يقتضيه مذهبنا، لأنّ هذه غير تلك، فانّ هذه يمين الرد، يقضي بها في الأموال و غيرها، و تلك يمينه مع الشاهد، لا يقضي بها في غير الأموال، و سببها غير سبب تلك، فانّ سببها نكول المدّعى عليه.
إذا ادّعى على رجل أنّه سرق نصابا من حرز، و أقام به شاهدا واحدا، حلف مع شاهده، و لزم الغرم، دون القطع، لأنّ السرقة توجب شيئين، غرما