اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 127
بديانته من العدلين، جاز له الشهادة عليها، و إن لم تسفر عن وجهها.
و يجوز أن يشهد الإنسان على الأخرس، إذا كانت له كناية معقولة، و اشارة مفهومة، فعرف من إشارته الإقرار، و يقيم شهادته كذلك، و لا يقيمها بمجرّد الإقرار بالكلام، لأنّ ذلك كذب.
و يجوز أن يشهد على شهادة رجل آخر، غير أنّه ينبغي أن يشهد رجلان عدلان، على شهادة رجل واحد، ليقوما مقامه، فأمّا واحد، فلا يقوم مقام واحد، و ذلك لا يكون أيضا إلا في حقوق الآدميّين، من الديون، و الأملاك، و العقود، فأمّا الحدود، فلا يجوز أن تقبل فيها شهادة على شهادة.
و لا يجوز شهادة على شهادة على شهادة، في شيء من الأشياء.
و من شهد على شهادة آخر، و أنكر الشهادة الشاهد الأول الأصلي، روي أنّه تقبل شهادة أعدلهما [1]، أورد ذلك شيخنا في نهايته [2] فإن كانت عدالتهما سواء، طرحت شهادة الشاهد الثاني.
و قال ابن بابويه من أصحابنا، في رسالته: تقبل في هذه الحال شهادة الثاني، و تطرح شهادة الأوّل.
و هذا غير مستقيم و لا واضح، بل الخلاف و النظر في أنّه تقبل شهادة أعدلهما، فكيف تقبل في الثاني، و هو فرع الأوّل الأصلي، فإذا رجع عن شهادته، فالأولى أن تبطل شهادة الفرع، و لأنّ الفرع يشهد على شيء لا يحققه، أعني نفس الحق المشهود به، فكيف ينتزع الحاكم المال بهذه الشهادة، و هو ما شهد عنده على نفس الحقّ من علمه، و لا قطع عليه يقينا، أعني الشاهد الذي هو الفرع، و لا خلاف أنّ الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا شبهة، و هكذا إذا فسق الأصل، بطلت شهادة الفرع.
[1] الوسائل: كتاب الشهادات، الباب 46 من أبواب الشهادات.