اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 2 صفحة : 117
هذا زال فسقه، و ثبتت عدالته، و قبلت شهادته، و لا يراعى صلاح العمل.
و يجوز للحاكم عندنا أن يقول لإنسان: تب أقبل شهادتك، و انّما قلنا ذلك، لأنّ النبي صلى اللّه عليه و آله أمر بالتوبة، و كذلك اللّه تعالى. هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطة [1] و لا أرى بذلك بأسا.
و لا يجوز للشاهد، ان يشهد، حتى يكون عالما بما يشهد به، حين التحمل، و حين الأداء، لقوله تعالى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ[2] و قال تعالى إِلّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ[3] و لما قدّمناه من رواية ابن عباس، عن الرسول (عليه السلام) قال: سئل عن الشهادة، فقال للسائل: هل ترى الشمس؟ قال:
نعم، قال: على مثلها فاشهد، أودع.
و لا يجوز للحاكم أن يقبل إلا شهادة العدل، فأمّا من ليس بعدل فلا يقبل شهادته، لقوله تعالى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ[4] و العدالة في اللغة أن يكون الإنسان متعادل الأحوال، متساويا. و أمّا في الشريعة، فهو كلّ من كان عدلا في دينه، عدلا في مروته، عدلا في أحكامه، فالعدل في الدين، أن لا يخل بواجب، و لا يرتكب قبيحا، و قيل لا يعرف بشيء من أسباب الفسق، و هذا قريب أيضا، و في المروة أن يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة، مثل الأكل في الطرقات، و لبس ثياب المصبغات للنساء، و ما أشبه ذلك. و العدل في الأحكام أن يكون بالغا عاقلا.
و قال شيخنا في مبسوطة: فأمّا إن كان مجتنبا للكبائر، مواقعا للصغائر، فإنّه يعتبر الأغلب من حاله، فإن كان الأغلب من حاله مجانبة المعاصي، و اجتنابه لذلك نادرا، لم تقبل شهادته، و قال (رحمه الله): و انّما اعتبرنا الأغلب في الصغائر، لأنّا لو قلنا أنّه لا تقبل شهادة من واقع اليسير من الصغائر أدّى ذلك إلى أن لا تقبل
[1] المبسوط: ج 8، كتاب الشهادات،(ص)179، و في المصدر: و يجوز للإمام عندنا.