اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 73
موته و تنجيس الماء، سواء كان صغيرا أو كبيرا سمينا أو مهزولا ينزح سبعون دلوا.
قال محمّد بن إدريس: و كأني بمن يسمع هذا الكلام ينفر منه و يستبعده، و يقول: من قال هذا؟ و من سطره في كتابه؟ و من أشار من أهل هذا الفن الذين هم القدوة في هذا اليه؟
و ليس يجب إنكار شيء، و لا إثباته إلا بحجة تعضده، و دليل يعتمده، و قد علمنا كلّنا بغير خلاف بين المحقّقين المحصلين من أصحابنا: أنّ اليهودي و كلّ كافر من أجناس الكفّار، إذا باشر ماء البئر ببعض من أبعاضه نجس الماء، و وجب نزح جميعها مع الإمكان، أو التراوح يوما إلى الليل، على ما مضى شرحنا له، و عموم أقوالهم و فتاويهم على هذا الأصل.
و أيضا فقد ثبت بغير خلاف بيننا: أنّ الكافر إذا نزل إلى ماء البئر، و باشره، و صعد منه حيا، أنّه يجب نزح مائها أجمع، فأيّ عقل أو سمع أو نظر أو فقه يقضي أنّه إذا مات بعد نزوله إليها، و مباشرته لمائها بجسمه و هو حي فقد وجب نزح جميعها، فإذا مات بعد ذلك ينزح سبعون دلوا و قد طهرت! و هل هذا إلا تغفيل من قائله و قلّة تأمل أ تراه عنده بموته انقلب جنسه، و طهر؟ و لا خلاف أنّ الموت ينجس الطاهر، و يزيد النجس نجاسة.
فإن قيل: فقد ورد أنّه ينزح إذا مات إنسان في البئر سبعون دلوا لموته [1]، و هذا عام في المؤمن و الكافر و لم يفصّل، فيجب العمل بالعموم إلى أن يقوم دليل الخصوص. و قد أورد أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في كتاب النهاية ذلك [2]، و قال: إذا مات إنسان في البئر ينزح منها سبعون دلوا و قد طهرت و لم يفصّل، و كذلك ذكر الشيخ المفيد (رحمه الله) في مقنعته [3]، و ابن بابويه في رسالته [4].