اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 615
فإذا خرج من البيت، عاد، فاستقبله، و صلّى عن يمينه ركعتين.
و يستحب له أن يلح بالدعاء، عند الحطيم، فإنّه أشرف بقعة على وجه الأرض، و الحطيم ما بين الحجر الأسود، و باب الكعبة، و سمّي حطيما، لأنّ ذنوب بني آدم، تنحطم عنده، على ما روي في الأخبار [1].
فإذا أراد الخروج من مكة، جاء الى البيت، فطاف به، أسبوعا، طواف الوداع، سنّة مؤكدة، فإن استطاع أن يستلم الحجر، و الركن، في كل شوط، فعل، و إن لم يتمكن، فعل ذلك في ابتداء طوافه، و انتهائه، ثمّ يأتي المستجار، فيصنع عنده، كما صنع يوم قدم مكة، و يتخير لنفسه من الدعاء، ما أراد، ثم يستلم الحجر الأسود، ثمّ يودع البيت، فيقول: اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك، ثمّ ليأت زمزم، فيشرب من مائها، و بئر زمزم، بئر لا غير [2]، حكمها حكم الآبار ينجسها، ما ينجس الآبار، و يطهّرها، ما يطهّر الآبار، و سمّيت بهذا الاسم قال أبو الحسن، علي بن الحسين المسعودي، في كتابه المترجم بمروج الذهب و معادن الجوهر، في التاريخ، و غيره- و هو كتاب حسن كثير، [3] الفوائد، و هذا الرجل من مصنّفي أصحابنا، معتقد للحق، له كتاب المقالات- قال، و قد كانت أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام، و تطوف به، تعظيما لجدّها إبراهيم، و تمسّكا بدينه، و حفظا لأنسابها، و كان آخر من حج منهم، ساسان بن بابك، جد أردشير بن بابك، أول ملوك ساسان كان و أبوهم، الذي يرجعون إليه، كرجوع الملوك المروانية، إلى مروان بن الحكم، و خلفاء العبّاسين، إلى العبّاس بن عبد المطلب، فكان ساسان إذا أتى البيت، طاف به، و زمزم على بئر إسماعيل، فقيل: انّما سمّيت زمزم، لزمزمته عليها، هو و غيره، من فارس، و هذا يدل على كثرة ترادف هذا الفعل منهم، على هذه البئر، و في ذلك يقول الشاعر على قديم الزمان: