اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 484
خلاف بيننا، فإذا ثبت أنها تملك بالإحياء، فإنّ إحياءه أن يبلغ نيله، و ما دون البلوغ، تحجّر، و ليس بإحياء، فيصير أولى به، و هذا عند المخالف، فأمّا عندنا لا فرق بين التحجّر و الإحياء، و قد أورد شيخنا المفيد (رحمه الله) في مقنعته في باب الخراج و عمارة الأرضين، خبرا، و هو: روى يونس بن إبراهيم، عن يحيى بن الأشعث الكندي، عن مصعب بن يزيد الأنصاري، قال: استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه) على أربعة رساتيق، المدائن، و البهقباذات، و بهرسير، و نهر حريز، و نهر الملك [1].
قال محمّد بن إدريس مصنف هذا الكتاب، (رحمه الله): بهرسير بالباء المنقطة من تحتها نقطة واحدة، و السين الغير معجمة هي المدائن، و الدليل على ذلك، أنّ الراوي قال استعملني على أربعة رساتيق، ثمّ عدّد خمسة، فذكر المدائن ثم ذكر من جملة الخمسة بهرسير، فعطف على اللفظ، دون المعني، فإن قيل: لا يعطف الشيء على نفسه. قلنا: إنّما عطفه على لفظه، دون معناه، و هذا كثير في القرآن و الشعر، قال الشاعر:
إلى الملك القرم و ابن الهمام * * * و ليث الكتيبة في المزدحم
فكل الصفات راجعة إلى موصوف واحد، و قد عطف بعضها على بعض، لاختلاف ألفاظها. و قول الحطيئة:
و هند أتى من دونها النأي و البعد
و البعد هو النأي و يدل على ما قلناه أيضا ما ذكره أصحاب السيرة في كتاب صفين، قالوا: لما سار أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلى صفين، قالوا: ثم مضى نحو ساباط، حتى انتهى إلى مدينة بهرسير، و إذا رجل من أصحابه ينظر إلى آثار كسرى، و هو يتمثل بقول ابن يعفور التميمي:
جرت الرّياح على محل ديارهم * * * فكأنّما كانوا على ميعاد