اسم الکتاب : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 296
هو الأذان المنهي عنه، و يسمّيه بعض أصحابنا الأذان الثالث، لا يجوز يريد به إلا هذا، و سمّاه ثالثا، لانضمام الإقامة فكأنّها أذان آخر.
و قال شيخنا أبو جعفر الطوسي (رحمه الله): الخطبة يوم الجمعة تكون عند قيام الشمس نصف النهار، فإذا زالت الشمس، نزل فصلّى بالناس، و حكي عن السيّد المرتضى أنّه قال: يجوز أن يصلّي عند قيام الشمس يوم الجمعة خاصّة [1].
قال محمّد بن إدريس: و لم أجد للسيّد المرتضى تصنيفا و لا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه، بل بخلافه، و ما قدّمته و شرحته أولا و اخترته، من أنّ الخطبة لا تجوز إلا بعد الزوال، و كذلك الأذان لا يجوز إلا بعد دخول الوقت في سائر الصلوات، على ما أسلفنا القول فيه في باب الأذان و الإقامة، هو مذهب المرتضى و فتواه و اختياره في مصباحه، و هو الصحيح، لأنّه الذي يقتضيه أصول المذهب، و يعضده النظر و الاعتبار، و لأنّه عمل جميع الأعصار، و لقوله تعالى إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ[2] و النداء للصلاة، هو الأذان لها، فالأذان لا يجوز قبل دخول وقت الصلاة، و لعل شيخنا أبا جعفر، سمعه من المرتضى في الدرس، و عرفه منه مشافهة، دون المسطور، و هذا هو العذر البيّن، فانّ الشيخ ما يحكي بحمد اللّه تعالى إلا الحق اليقين، فإنّه أجلّ قدرا، و أكثر ديانة من أن يحكي عنه ما لم يسمعه و يحقّقه منه.
و قال شيخنا أبو جعفر في التبيان، في تفسير سورة الجمعة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللّهِ: قال معناه إذا سمعتم أذان يوم الجمعة، فامضوا إلى الصلاة، و قال في قوله «وَ ذَرُوا الْبَيْعَ» معناه إذا دخل وقت الصلاة، فاتركوا البيع و الشراء، قال الضحاك: إذا زالت الشمس حرم البيع و الشراء، و قال الحسن: كلّ بيع تفوت فيه الصلاة يوم
[1] قريب من هذه العبارة في النهاية كتاب الصلاة. باب الجمعة و أحكامها.